رهبان في محراب العشق| عمر بن الفارض (السلطان)

رهبان في محراب العشق| عمر بن الفارض (السلطان)

وفي وصلها عام لدي كلحظة.. وساعة هجران علي كعام

ولما تلاقينا عشاء وضمنا.. سواء سبيلي دارها وخيامي

وملنا كذا شيئاً عن الحي حيث لا .. رقيب ولا واش بزور كلام

وبتنا كما شاء اقتراحي على المنى..أرى الملك ملكي والزمان زماني 

هو عمر بن الفارض الذي لم يكن مجرد شاعر أبحر في معاني الحب وأضاف عليها مفردات تختلج لها القلوب فقط، وإنما يعد ابن الفارض بحق سلطان للعاشقين وإمام للمحبين فهو القائل في شعره:

 نسخت بحبي أية العشق من قبلي فأهل الهوى جندي وسلطاني على الكل

وكل فتى يهوى فإني فإني إمامه.. وإني برئ من فتى سامع العذل.

وهو القائل أيضاً:

 كل من في حماك يهواك لكن أنا وحدي بكل من في حماك

يحشر العاشقون تحت لوائي وجميع الملاح تحت لواك

فاستحق بفخر وصدق أن يكون حامل لواء العشق والعشاق.

 

ذكر في نسبه أنه ينتمي لقبيلة بني سعد، قبيلة حليمة السعدية التي أرضعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وقال في شعره معبراً عن إرثه من ذلك:

 يا أخت “سعد” من حبيبي جئتني برسالة أديتها بتلطف

فسمعت ما لم تسمعي ونظرت ما لم تنظري وعرفت ما لم تعرفي

ولد بمصر سنة 576 هـ الموافق 1181م، توفي سنة 632 هـ الموافق 1235م في مصر ودفن بضريحه في منطقة الأباجية بالقرب من مسجد السيدة عائشة، حيث كانت خلوته قبل انتقاله، في حضن جبل المقطم.

لم يترك ابن الفارض سوى ديواناً شعرياً واحداً، عدد أبياته ألف وثمانمائة وخمسين بيتاً.

المولوية

فرق ابن الفارض بين درجات ومراحل الحب، معتبرا أن أول المحبة الموافقة  ثم الميل ثم المؤانسة ثم المودّة ثم الهوى ثم الخِلّة ثم المحبّة ثم الشغف ثم التيم ثم الوله ثم انتهاءٍ بالعشق.

واعتبروا ان استخدامه لمفردات الخمر (حان ودن وكأس وقدح وسكر ونشوة وندمان)، ما هو إلا رمز لحالة السكر التي يتبعها صحو في عُرف الصوفية.

كلمات سلطان العاشقين عمر ابن الفارض كانت تطير بفهم الإشارة، ورسالات سارحات بين أفئدة محبين وعاشقين ورقوا وارتقوا في بحار المحبة، فكانت لغات شارحات بين خلجات تهفو وترقى فتسبي وتؤثر.

وكانت مادة خصبة للمادحون والعاشقون على مر الزمان فمنه نهل المحبون في خطاباتهم ورتع المنشدون في وصلاتهم، ويظل مسجده وضريحه قِبلة لكل عاشق له حاجة في قلبه.

من أشهر قصائده “الفائية” التي يقول فيها:

إن لم يكُنْ وَصْلٌ لَدَيكَ، فَعِدْ بهِ أملي وماطلْ إنْ وعدتَ ولاتفي

فالمطلُ منكَ لديَّ إنْ عزَّ الوفا يحلو كوصلٍ منْ حبيبٍ مسعفِ

أهفو لأنفاسِ النَّسيمِ تعلَّة ولوجهِ منْ نقلتْ شذاهُ تشوُّفي

فلَعَلَ نارَ جَوانحي بهُبوبِها أنْ تَنطَفي، وأوَدّ أن لا تنطَفي

وله أيضاً:

زدني بفرطِ الحبِّ فيكَ تحيُّراً وارحمْ حشى بلظي هواكَ تسعَّراً

وإذا سألتكَ أنْ أراكَ حقيقة فاسمَحْ، ولا تجعلْ جوابي: لن تَرَى

يا قلبُ أنتَ وعدتَني في حُبّهمْ صبراً فحاذرْ أنْ تضيقَ وتضجرا

إنّ الغَرامَ هوَ الحَياة ، فَمُتْ بِهِ صَبّاً، فحقّكَ أن تَموتَ، وتُعذَرَا

قُل لِلّذِينَ تقدّمُوا قَبْلي، ومَن بَعْدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى

عني خذوا، وبيَ اقْتدوا، وليَ اسْمعوا، وتحدَّثوا بصبابتي بينَ الورى.

 
عمر بن الفارض
ضريح سلطان العاشقين عمر بن الفارض
شارك المقالة

اترك تعليقاً