مكتبة فرندة| مصرع زير نساء للكاتبة شروق السيد (الحلقة الأولى)

مكتبة فرندة| مصرع زير نساء للكاتبة شروق السيد (الحلقة الأولى)

مصرع زير نساء .. رواية بوليسية اجتماعية مشوقة للكاتبة شروق السيد.

مصرع زير نساء للكاتبة شروق السيد
مصرع زير نساء للكاتبة شروق السيد

“آخر مرة شوفتي القتيل امتى؟”
رفعت سارة عينيها الدامعتين وحدقت بالضابط مطولا، كانت ترتعش داخل معطف الحداد الأسود، كرر فاروق سؤاله، فمسحت الأرملة دموعها وقالت:
“إمبارح الصبح”
ثم أردفت:
“أنا مكنتش بايتة في الڤيلا بتاعتنا إمبارح، أنا وكامل شدينا مع بعض شوية، وروحت شقتنا الفاضية في وسط البلد قعدت فيها”
هز فاروق رأسه قائلا:
“شديتوا مع بعض إزاي؟”
“خناقة عادية”
“خناقة عادية تخليكي تسيبي البيت!”
تنهدت وقالت:
“كان رافض نكرر تجربة الحقن المجهري تاني، إحنا عملناها قبل كده تلت مرات ومحصلش نصيب، أنا كنت شايفة إنه نحاول تاني، وهو شايف إنه كفاية كده، فسيبت البيت عشان اضغط عليه”
“وبعدين؟”
“وبعدين ياسر ابن عمه اتصل بيا قالي إنه مجاش الشركة وتليفونه مقفول فقلقت، اتقابلت أنا وهو في الطريق وروحنا على البيت نطمن عليه فلقينا…”
بترت جملتها وارتجفت، حاصرتها غصة عنيفة فلم تستطع أن تتم جملتها فقال فاروق:
“لقيتوا الجثة؟”
هزت رأسها بالإيجاب فقال:
“فيه حد معين تتهميه؟”
شردت قليلا، بدا له أن شخصا ما خطر ببالها، إلا أنها أومأت بالنفي..
“جوزك شخصيته كانت عاملة إزاي يا مدام سارة؟”
“كان أحسن راجل في الدنيا”
تفحص ملامحها وهي تقول:
“على فكرة مشاكل الخلفة اللي عندنا كانت بسببه، وسبق ورمى عليا يمين الطلاق عشان مش عايز يظلمني معاه، بس أنا كنت مستحيل أسيبه عشان هو أرجل وأنضف بني آدم عرفته، ومكانش يستاهل يموت كده..مكانش..”
نحر البكاء جملتها وأنفاسها معا، فغطت وجهها وانتحبت طويلا، أذن لها فاروق بالمغادرة وأخبرها أنه سيستدعيها لاحقا، ثم طلب دخول ابن العم..
جلس ياسر أمام نادر، كانت عيناه حمراوان وشعره متشابك وثائر، لم يكن افضل حالا من الزوجة،

وكشف عن نفس التفاصيل التي قالتها بشأن اكتشاف الجثة.. كان فيه أي مشاكل في الشركة؟

له أي أعداء خالص بالعكس! معروف في الشركة إن أنا اللي شوية اندفاعي وكامل دايما

صوت العقل اللي بيهدي الأمور، ولو اتخانقت مع عميل أو كده هو اللي بيحل المشكلة، السوق كله بيحبه”
وضع ياسر يده على عينيه اللتين هطلت منهما الدموع قائلا:

“الله يرحمه”

تأمله فاروق مطولا ثم أشار له بالانصراف..
 بعد أن انهى فحص مسرح الجريمة واستجوب ياسر وسارة وبعض الجيران توجه إلى الشركة، تحدث قليلا مع الموظفين الذين أثنوا على طيبة كامل وجديته، ولم يفهم فاروق لماذا قد يُقتل شخص مسالم مثله! محبوب ولديه سمعة طيبة، ما لدافع الذي يمكن أن يكون وراء الجريمة! الطمع؟ الانتقام؟ الخيانة؟ ماذا يمكن أن يتسبب في موت رجل مثله..
توقف فاروق أمام صورة كامل الموضوعة على مكتبه، كان في الخامسة والاربعين تقريبا، بشوش، وسيم بشكل كبير، ولم تكن زوجته والتي جاورته في الصورة على قدر كبير من الجمال إلا أنهما كانا سعيدين، هكذا بدا له الأمر..
لم يجد في المكتب غير الملفات الخاصة بالعمل، إلا أن السكرتيرة التي دخلت إلى المكتب منهارة باكية قالت له:
“لو حضرتك عايز تفتش الخزنة أنا معايا المفتاح”

خزنة !!

أشارت إلى لوحة على الجدار، حركها فاروق فوجد الخزنة، أعطته السكرتيرة المفتاح فقام بفتحها،

لم يجد فيها مبالغ مالية ضخمة تستوجب مثل هذه الخزنة السرية، إلا أنه وجد مظروفا أزرق، فتحه

واستخرج منه بعض الصور التي تركته مصعوقا، حدق مطولا بكامل نصف العاري والذي يعانق

امرأة غير زوجته، سحب المزيد من الصور فوجد كامل مع المزيد من النساء، هو شخص آخر

إذن غير الذي أخبروه عنه، كامل ليس الرجل المُستقيم الذي تظنه زوجته وابن عمه

وموظفو الشركة! جلس خلف المكتب، وأعاد النظر إلى الصور، هذه الصور قتلت

هذا الرجل بلا شك، لابد له أن يجد هؤلاء النسوة ويتحدث إليهن، ربما تملك إحداهن فكرة

عن القاتل، وأيضا ليعرف منهن من هو كامل حقا، لأنه كما يبدو لا أحد من المُقربين منه

يعرف من هو، أو ربما كانوا يكذبون، ربما هم يعرفون الحقيقة ولكنهم يخفونها لكي لا تتجه لهم

أصابع الاتهام، ربما فكروا أن أول شخص يتحدث بالسوء عنه سيكون في دائرة المُشتبهين،

كان فاروق محتارا حقا لماذا قد يُقتل مثل كامل لكن حيرته زالت الآن، الأسرار هي عدو الإنسان،

تجعله نصفين، أحدهما في النور بين الناس، وأحدهما في العتمة وحيدا، وفي العتمة يمكن للشياطين

والأفاعي والأعداء أن يتحركوا، تصبح الأسرار كحبال المشنقة حول عنق محكوم عليه بالإعدام

ينتظر في أية لحظة أن تتحطم رقبته وهي سوف تتحطم في لحظة ما لا محالة،

غير أن أسوأ ما في الأمر أن الإنسان ينسج تلك الحبال بيده، ويضعها حول عنقه بيده

وبعد ذلك يفقد سيطرته على الأمر نهائيا ولا يمكنه مهما حاول أن يحرر نفسه..

عندما عاد إلى مكتبه كان شريكه في التحقيق رأفت قد انتهى من تفريغ هاتف الضحية،

وتتبع مسارها خلال الأمس، قال رأفت وهو يضع الهاتف أمامه:
“مخرجش من البيت طول اليوم امبارح”
ثم أردف:
كان فيه ملف عليه باسوورد فتحناه، ولقينا صور” “
وضع فاروق المظروف أمام صديقه قائلا:
“صور زي دي؟”
التقط رافت المظروف وفتش في الصور قائلا:
“الباشا كان محتفظ بكذا نسخة شكله”
“احنا محتاجين نوصل للستات اللي في الصور دي، حاسس إن إجابة اللغز وراهم”
“ارقامهم متسجلة على التليفون”

معقول!

اومأ رأفت برأسه ثم التقط الهاتف وأخرج قائمة الاسماء..
“أنا مكنتش فاهم إيه أسامي الستات دي كلها بس لما شوفت الصور فهمت”
شرد فاروق قائلا:
“أنا بس عايز أفهم إزاي مراته مكانتش واخدة بالها”
“بتهيألي كانت واخدة بالها جدا”
نظر له فاروق باهتمام ففتح رأفت الرسائل وعرض له آخر محادثة بين كامل وزوجته،

حدق فيها فاروق مصعوقا، الآن أصبحت الأشياء منطقية أكثر..

يتبع.. مصرع زير نساء

تابعونا على الـ فيس بوك 

اقرأ أيضاً:

مكتبة فرندة| القصر الأسود.. منى سلامة

شارك المقالة

اترك تعليقاً