مسلسل البشاير |سعيد أخويا قصة أبو المعاطي شمروخ والعودة للجذور
في عام 1987 يتعاون المؤلف وحيد حامد مع المخرج سمير سيف ويخرجا للنور عملاً كلاسيكيًا بإمتياز، يحمل عنوان البشاير.
البشاير بطولة الكبير الراحل محمود عبد العزيز، بجانب قطة الشاشة المصرية وقتها مديحة كامل، وكوكبة من نجوم التمثيل، على رأسهم طبعًا القديرة أمينة رزق، في دور الأم.
قصة البشاير تتحدث عن أبو المعاطي شمروخ، الذي تغرب لمدة 15 عام، بحثًا عن لقمة العيش، وأهله ينتظرونه بفارغ الصبر.
ويعقدون عليه الآمال (فترة الثمانينات) في أن يعود إليهم محملاً بالأجهزة الإلكترونية الحديثة، والكثير من مظاهر المنظرة الفارغة المصطنعة، إلا أنه يصدمهم في كونه لم يأت بأي شيء، وإنما كان تخطيطه في أن يشتري أرضًا، ويبني بها منزل يجمعهم كلهم، ليزرع ويحصد، ويكون ثمن غربته هو الإستقرار والعيش الهاديء هو وعائلته، بعيدًا عن دعاة الفشخرة الكدابة والمنظرة الفارغة!!
قوبل هذا الأمر باستهجان شديد من أهله، إلا أنه صنع ما يريد، وقبلوا وأحبوا هذا الأمر بعد ذلك، حيث الطبيعة الجميلة، والخضرة والبعد عن الصخب والزحام وضيق العيش.
وبينما هم كذلك، يتفاجئون بأمرأة تنقلب سيارتها في الترعة، وينقذونها، ويقومون بتمريضها، وحسن ضيافتها، ولا يعرفون أنها نجمة تمثيل كبيرة!!
حتى هي نفسها تفاجئت من جهلهم بها!! وهذا أسعدها لأنها استطاعت أن تعيش بينهم بحرية، بعيدًا عن الملاحقات والتصنع والزيف.
بعدما رأت هذه الفنانة معيشتهم ودفء الحياة البسيطة، الخالية من كل الضغوطات والزيف والقلق، قررت أن تعيش بينهم لوقت أطول، وأحبت هذا الفلاح البسيط، إلى نهاية القصة.
هذا العمل يتحدث ببساطة عن العودة للجذور، البعد عن مظاهر الحداثة الفارغة التي أضحت مصدرًا للإزعاج وإلهاء النفس فيما لا ينفع، البعد عن كل ضغوطات الحياة وقلقها ومشاكلها، وبحثك الدائم عن الاستزادة.
هل من مزيد!! هل من مزيد من أموال لست في حاجة إليها!! هل من مزيد من شهرة وجاه تحملني المزيد من العبء والعناء!! هل من مزيد من مسؤليات وأعباء وقلق!!
صخب .. زحام .. قلق .. ضغوطات وأعباء .. والنتيجة حياة سقيمة خالية من أي بهجة، خالية من أي سعادة، حياة آلية رتيبة تعيشنا، ونحيا لا نملك من أمرنا أي شيء.
للمزيد ..
مسلسل زيزينيا| موجة حب بشر وعزيزة
السيناريو والحوار الجميل الذي صنعه وحيد حامد بكل سلاسة وعذوبة، مع الفكرة البسيطة التي تمت معالجتها دراميًا بأسلوب بديع، جعلت من العمل أشبه بأكلة جميلة حلوة، لها مذاق طيب ورائحة جميلة.
تأكلها وفكرك يرى الغيطان والزراعات، يشتم هواءً نقيًا جميلاً، تستريح له نفسك .. بعيدًا عن كل ما يؤذيها.
أداء محمود عبد العزيز في العمل كان مميزًا كالعادة، تقمص كامل للشخصية، أداء سلس بأقل مجهود، بجانب مديحة كامل التي أبدعت في هذا العمل، ليكون أحد أشهر ما صنعت في حياتها الفنية كلها.
مش عايز أنسى أداء بقية الأبطال، أمينة رزق عملت دور رائع، سامي مغاوري في دور عبد الهادي أخوا أبو المعاطي، والذي أجاد بقدر كبير، وأحمد بدير أحمد أفندي.
بجانب عبد العزيز مخيون، ومحمد التاجي في دور رشاد بيه المنتج .. والذي كانت له اللازمة القولية الشهيرة في العمل: سعيد .. أخويا
في الحقيقة الكاست كله أبدع
كادرات سمير سيف كانت معبرة جدًا، وبالرغم من كونه مخرج سينمائي في الأساس، إلا أنه أبدع في الدراما، وكانت محطة مسلسل البشاير أحد أفضل ما صنع.
مزيكا التترات واللي أبدعها الموسيقار محمد سلطان كانت بديعة جدًا، خفيفة وبسيطة، وبها الكثير من الشجن .. حتى أنك تستعذب سماعها وحدها .. اسمعوها هتعجبكم جدًا.
ذكرياتي عن هذا المسلسل .. أنه كان يعرض في السابعة والربع، ميعاد المسلسلات المصرية المقدس .
وتم إعادة عرضه بعد ذلك بعد الشهرة والنجاح الكبير الذي حققه في العرض الأول، وذلك ظهرًا على القناة الأولى، الساعة 12 وربع، عقب نشرة الأخبار.
مسلسل البشاير به الكثير من الجمال والراحة النفسية .. وكثير من الهدوء .. والإبداع .. هيعجبكم كتير.
دراما مصرية خالدة
د. أحمد مروان
منقولة من جروب عصير الكتب