رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثاني) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثاني) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال

 رواية مسلسلة مليئة بالغموض والإثارة

 

 

كان فجر الخامس من يوليو عندما ودّع الطبيب ” كريم ” وهو يستقل سيارته ، دخل كريم إلى الشقة حاملًا طفله ، نظر نظرة مطولة إلى الشقة التي أصبحت مظلمة صامتة لكنها لم تكن أسود من قلبه المحطم على فقدان محبوبته.

ترك طفله ” فهد ” في غرفةٍ قد أعدّاها هو وزوجته لمولوديهما ثم ذهب لدفن زوجته وحيدًا في حديقة منزله معلنًا عن نهاية أحلامهما معًا وبداية رحلته الطويلة في تربية طفله وحيدًا كأبٍ وأمٍ في آنٍ واحد .

للمزيد..

بيت القبطية أشرف العشماوي | حَاكموا هدى لأنها أرادت الحياة pdf

 

مرت الأيام والسنين وفهد يكبر شيئًا فشيئًا أمام والده الذي كان كل شيء بالنسبة لفهد ، فقد كان كريم كالأب في صرامته ، والأم في حنانها ، والصديق في ملازمته ومساندته.

 حرص كريم على تعليم فهد كل العلوم تعليمًا جيدًا في المنزل بدون الذهاب لأي مدرسة وقد أصبح فهد مُلمًّا بكل العلوم حتى ظن أبوه أنه أذكى مِمَّنْ يذهبون للمدرسة فعليًا من شدة ذكاءه المُلاحَظ ، وقد كان كذلك فعلًا …..

كان فهد يشبه والدته في ملامحها ؛ له عينان زرقاوتان ضيقتان تكاد لا تراهما عندما يضحك ، أنفه يبدو كأن نحاتًا ماهرًا قد نحته ، ثغره الصغير الذي يشبه فم والدته بشده.

كاد كريم يقسم أن ” فهد ” يشبه والدته تمامًا حتى رأي ضحكته لأول مرة التي تشبه ضحكة أبيه العالية التي لطالما أحبتها زوجته بالإضافة إلى وشمٍ يشبه رسمة في كفه الأيمن قد ورثه فهد عن أبيه .

 

لقراءة الجزء الأول

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 |مكتبة فرندة

 

 

كان كريم يعلم أن الطريق شاقٌ وصعب ولكنه عاهد نفسه على عدم التكاسل مع ولده في حب أو حنان وأيضًا في حزم أو صرامة كي ينضج فهد وهو يعلم كيفية التعامل مع الحياة القاسية لأنه يعلم ما سيواجه فهد من عقبات ومصاعب ، حزن كثيرًا عندما كان متعبًا ونسي أن يُدثِّر فهد قبل أن ينام في غرفته في يومٍ من أيام الشتاء فمرض فهد مرضًا شديدًا رقد على أثره ما يقارب الأسبوع وقد شُفي شيئًا فشيئًا ، وحاول ألا ينسى شيئًا مجددًا ، يرجع الفضل إلى مذكرته التي كانت منبهًا يقظًا له وقد أعتاد النظر فيها يوميًا حتى لا تغيب عن عقله فتيلة صغيرة كان سيقوم بها لنفسه أو لفهد أو حتى شيء سيفعله في المنزل. 

للمزيد..

بعد مدةٍ طويلة في صباح مولده الحادي عشر حيث كانت الساعة السابعة صباحًا ، خرج إلى الحديقة قويًا مقارنة بسنِّه ، طويلًا مثل والده ، مَنْ يرَه يظن أنه يتمرن يوميًا للحصول على هذا الجسد المتناسق لكنه لم يتمرن في حياته قط ، خرج فوجد زهرته قد أينعت ؛ تلك الزهرة التي كان يعتني بها منذ شهرين ، الأغصان تميل بفعل الرياح لتنشد لحن صباحٍ جميل ، السماء مشرقةٌ وصافية ، ما للسحابِ من مكانٍ فيها ، أخذ فهد يلعب كعادته كل صباح قبل استيقاظ والده .

توقف فجأةً عن اللعب عندما سمع صوتًا بعيدًا ، أخذ الصوت في العُلوِّ أكثر فأكثر حتى ظن أن والده ينادي عليه لكنه متأكدٌ بأن هذا الصوت أصغر سنًا من صوت والده ، كما أن والده نائمٌ في جميع الأحوال .

نظر يمنة ويسرة أكثر من مرة فلم يجد أحدًا سوى النباتات حوله والأشجار أمام منزله وبعض عائلات الطيور فوقها وقد اعتادوا على وجوده بينهم في هذا المكان فلا يفزعون منه ، اضطرب فهد من هذا الصوت فكان يسمعه من جميع الاتجاهات في وقتٍ واحد.

 بعد قليل توقف الصوت فجأة كما أتى ثم سهجت الرياح فجأة وكانت كأنها تدفعه إلى شجرة تقع أمامه على بعد أمتارٍ عديدة ؛ شجرة كبيرة أكبر من غيرها في محيط حديقة بيته ، شاهقة الارتفاع توشك أن تصل إلى قمة منزله من شدة ارتفاعها ، راسخة في الأرض حتى الرياح الشديدة لا تقدر على تحريك أغصانها ، متشابكة الأغصان.

مَنْ يرَها يَهَب صعودها حتى وإن كان يعشق المغامرة ، لحاؤها سميك ومائل للبنيّ الغامق ، لا توجد عليها سوى زهرة مشرقة وأخرى خضراء صغيرة لم تتفتح بعد ، والعجيب في الأمر أن الزهرة المتفتحة تكبر وتصبح أجمل لونًا ورائحةً بينما الأخرى ظهرت منذ أحد عشر عامًا ولم يتغير حجمها ولم تتفتح حتى الآن .

للمزيد..

أبناء الزنى كيف صاروا أمراء للمسلمين | مقال أسامة أنور عكاشة الممنوع

حاول فهد مقاومة الرياح بجسده القوي ولكن مَنْ يستطع الوقوف أمام رياحٍ هائجة ، بعد عناءٍ طويل استسلم جسده للرياح كرهًا حتى ساقته إلى هذه الشجرة.

وعندما وصل إليها شعر بتسمُّر قدميه في الأرض ولاحظ تَشكُّل رسمةٍ على لحاء الشجرة أمام عينيه فانتظر مُترقِّبًا  ليرى ماهية هذه الرسمة.

فإذا بالذهول يعتلي وجهه عندما اكتملت الرسمة ، إنها تطابق الوشم في كف يده الأيمن حجمًا وشكلًا و وجد أن الرياح تجبر يده اليمنى على أن تلامس الرسمة على الشجرة.

فتحركت يده اليمنى ناحية الشجرة بدون وعي كأنه مُنوَّمٌ مغناطيسيًا ، وفي لحظةِ ملامسةِ وشم يده للرسمة على الشجرة شعر بشعور مختلف وغريب لم يشعر به قط.

 ظهر ضوءٌ صغير منبعث من الرسمة أسفل يده وأخذ في الاتساع حتى أغمض عينيه من شدة الضوء .

فتح عينيه فإذا هو بمكانٍ مظلمٍ غريب لا يعرفه ، و وجد نفسه جالسًا على الأرض ولم يرى في السماء قمرًا ولا حتى نجمة واحدة ، كانت السماء والأرض وكل شيء حوله باللون الأسود فقط حتى ظن لوهلةٍ أنه أصبح كفيفًا ، فرأى نقطة صغيرة من الضوء بعيدًا أخذت في الاتساع كأنها تقترب منه فقال فهد بصوتٍ عالٍ : ” مَنْ أنت ؟ ” لكن أحدًا لم يجيب…..

 

لمتابعة الجزء الثالث

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثالث) |مكتبة فرندة

 

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

 

شارك المقالة