مكتبة فرندة| مقال لأنها الأجمل للراحل أحمد خالد توفيق
عرفت فتاة اسمها (مها) كانت بارعة الجمال.. ليست بارعة الجمال فحسب، بل هي من الطراز الذي يمكن أن يعطل المرور في قطاع كامل من المدينة. تمشي هذه الفتاة متجهة لعملها فتبطئ السيارات ويبرز رأس أكثر من وغد جاحظ العينين، وهو يدعوها للركوب أو يسألها عن اسمها..
تتجاهل هذا كله، ثم تجد أن المضايقات تجاوزت الحد ،فتسرع إلى رجل الشرطة الواقف تشكو له. هنا يبرم شاربه في إغراء ويسبل عينيه:
– «معهم حق أيتها الحسناء»
تفر منه وتذهب لعملها وتجلس إلى المكتب .. هنا تجد خطاباً مغلقاً .. تفتح الخطاب فتجد رسالة:
– «أرجوك أن تتزوجيني يا مها .. أنا عصام»
ترفع رأسها لتجد زميلها (هاني) يستند إلى المكتب وفي عينيه هيام شنيع .. يسود صمت محرج وهي تتمنَّى أن يتكلَّم أو يقول شيئاً .. هل يشتبه في أنها قتلت خالته؟
في النهاية يقول:
– «متى تقبلين يا مها أن أقابل أباك؟»
بالفعل ليته يفعل ذلك .. إن أباها توفي لرحمة الله منذ عشرة أعوام، لهذا من الجميل أن يقابله هاني. هنا يستدعيها المدير وهو رجل وقور محترم .. لن يضايقها على الأقل.
تذهب لمكتبه فتجد أنه يضع زهرة حمراء في عروة سترته، وينظر لها تلك النظرة إلى صارت تعرفها جيداً.. ثم يقول لها وهو يتنهد كأنه فريد الأطرش:
– «نتزوج يا مها .. هه؟»
تقول له في رعب:
– «لكنك متزوج فعلاً يا سيدي وأب لأربعة شبان»
– «عرفي .. الزواج العرفي هو الحل. ورقة نكتبها و…»
هُنا تكون قد فرت من الغرفة عارفة أنها على الأرجح سوف تطرد من الشركة، ترى زميلتها هدى وهي فتاة قبيحة كالأبالسة .. لقب فتاة هو نوع من الترف التشريحي لا أكثر، هدى تجلس في هدوء تكتب على مفاتيح الكمبيوتر وتلتهم طعام الإفطار بلا مشاكل .. لن يضايقها أحد .. سوف يشيد المدير بمستواها في العمل .. لن يطردها أحد من الشركة.
للمزيد..
دينا أنور تكتب عن العلاقات السرية.. ياسمين الخطيب و خالد يوسف VS ياسمين صبري وأحمد أبو هشيمة
جاءتني مها تشكو لي حالها فقررت أن أحكي لها القصة التالية:
أنجبت القطة بسبسة التي تملكها جارتنا، وبما أنني وزوجتي لا نقدر على الحياة بلا قط في البيت، فقد توجهنا إلى الأم ورحنا نبحث وسط الهريرات الجميلة.. كانت هناك هريرتان شديدتا القبح وهريرة عوراء، لذا لم ننظر لهما أصلاً واخترنا هريرة بارعة الحسن لا تختلف عن مارلين مونرو، لو أن مارلين مونرو كانت مغطاة بالفراء وتموء ..
عاشت الهريرة في بيتنا حياة سعيدة. أعتقد أن القطَّة سعيدة الحظ هي التي تعيش معنا، لأننا نحب الحيوانات فعلاً. لكن أولادي لم يكونوا يتعاملون بهذه الرقة .. كانوا يضربون القطة ويضايقونها ويجذبون ذيلها .. وذات مرَّة كادوا يمزقونها وهم يتنازعون عليها. مع الوقت صارت القطة أميل للتوتر، ثم وقع حادث مروع عندما داس ابني على قدمها بدراجته الثلاثية فهشمها. وكان علي أن أجد بيطرياً يمكنه أن يجبر قدمها ..
هكذا رقدت القطة الجميلة والجبس حول قدمها. في هذا الوقت دعتنا جارتنا للغداء. ذهبنا لبيتها وتحاشينا أن نجيب عن أسئلتها عن القطة .. رأينا القطة الأم الفخور التي سرقنا طفلتها، ورأينا القطط الثلاث القبيحة ..
كانت في أفضل حال تلهو وتمرح حول أمها، وقد اكتنزت أجسادها كأفضل ما يكون .. وفي العيون بدا شعور واضح من الاطمئنان والرضا .. الغد ممتد وآمن .. لعب وأكل وحمامات شمسية ونوم .. لن يكون هناك ذبح كالأرانب ولن تنتزع من أمها أبداً .
عندما عدنا للبيت قالت زوجتي:
– «تصور !… القطة بارعة الجمال قد جنى عليها جمالها!.. لو كانت قبيحة أو مشوهة لنعمت بحنان أمها حتى اليوم، لكننا وجدناها الأجمل فأخذناها!»
هذا صحيح للأسف ..
أحياناً يكون الجمال نقمة على صاحبته. حكيت لمها هذه القصة فهزت رأسها موافقة. قلت لها وأنا ابتلع ريقي الجاف:
– «يمكن أن تفقدي هذا الجمال وتصيري فتاة طبيعية لو تزوجت وصرت بدينة منكوشة الشعر تفوح منك رائحة البصل. وأنا أستطيع أن أقدم لك هذه الخدمة.. هل سمعت عن الزواج العرفي؟.. هه؟..».
مقال لأنها الأجمل
دكتور أحمد خالد توفيق
مكتبة فرندة | رواية مدينة الأشباح للكاتبة هبه مرجان.. شبح أوردوس “صوت ”-الجزء الرابع
صفحتنا الرسمية فرندة – farandh