لا يخفى على أي باحث في تاريخ الأدب هيمنة القلم الذكوري في ساحة الكتابة عامة والرواية خاصة في العالم العربي.
ففي الغرب كان للمرأة حضورا وازنا منذ نشوء الرواية، تكتب بالموازاة مع الرجل، تبدع وتعبر عما يخالجها تاركة بصمة في عالم الكتابة بالمحاذاة مع الجنس الآخر، وهو ماكان غائبا في العالم العربي الذي كانت فيه المرأة لا تزال تصارع من أجل الظهور رويداً رويداً في شتى المجالات، مهما اختلفت الأسباب والدواعي وراء ذلك سواءً تعلق الأمر بتهميش إعلامي، مجتمعي وغيره.
لكن مع توالي الاستعمار الغربي للبلدان العربية عامة والمغاربية خاصة بدأت المرأة تبني لنفسها صرحا في عالم الأدب، وتخطو شيئا فشيئا فيه متمردة على التهميش الذي طالها منذ زمن بعيد.
ففي المغرب، في خمسينيات القرن الماضي، جاءت أمنة اللوه لتكسر هذا الحاجز بين الرواية والمرأة و خطت أول خطوة بتاء التأنيث في هذا العالم الرحب بروايتها القصيرة “خناثة قرينة المولى إسماعيل”.
والتي توجت بها بجائزة المغرب للآداب في تطوان سنة 1954 لتكون أول قصة نسائية تفوز بهذه الجائزة.
ولدت أمنة بنت عبد الكريم اللوه التي تنتمي إلى أسرة متميزة بقرية تيغانمين بقبيلة بقوية إقليم الحسيمة سنة 1926.
إلا أنها ترعرعت بمدينة تطوان حيث تلقت بها تعليمها الإبتدائي والثانوي،ثم حصلت على شهادة التدريس بمدرسة المعلمين والمعلمات .
التحقت بعدها بكلية الفلسفة والآداب بجامعة مدريد المركزية حيث نالت بها إجازتها سنة 1957 بامتياز، لتكون بذلك أول فتاة مغربية تمنح لها مثل هذه الشهادة من تلك الجامعة، وعلى شهادة ماجستير من نفس الجامعة.
وفي ماي سنة 1968 ناقشت أطروحتها في الدكتورة ودائما بالامتياز، قبل أن تحصل سنة 1978 في الصرح الجامعي الإسباني وسط العاصمة مدريد، على دكتوراه الدولة في الآداب بميزة ممتاز.
ثم انتقلت بعدها إلى الجامعة الأمريكية ببيروت لتحصل على شهادة من قسم الأدب والعلوم فرع التدريب الفني.
وقد تقلدت عدة مناصب قبل الاستقلال تربوية من معلمة إلى مديرة ثم مفتشة بالتعليم الثانوي ثم مكلفة بوزارة الثقافة بالرباط وأستاذة مكلفة بمعهد البحث العلمي الجامعي بالرباط وأستاذة بالجامعة محمد الخامس كذلك وخبيرة بالأكاديمية المملكة وعضوة في اللجنة الملكية لإصلاح التعليم.
عُرفتْ وهي الأمازيغية الريفيّة بتكوينها المتين في اللغة العربية، وبإتقانها للغة الإسبانية، بدليل أنها ترجمتْ مقالاتٍ وألَّفت كتباً، وبزَّت الرِّجال في مضمار الأدب والمعرفة. إضافة إلى مشاركتها في عدة مناظرات ومؤتمرات دولية.
كما حصلت على عدة جوائز منها :
– جائزة المغرب للآداب سنة 1954
– الوسام المهدوي قبل الاستقلال من حكومة الشمال
– وسام العرش من درجة فارس بعد الاستقلال سنة1988.
بعد أن أحيلت على التقاعد ، لم يعد يشغلها شيء آخر، غير العناية بالشباب الضائع، والتهمم بكفالته، بتعليمه وتربيته وتزويده بآليات أي عمل يرتضيه لنفسه، تراقب، وتؤطر، وتنفق من مالها لتدبير شؤون بيت ارتضته ليكون في مدينة طنجة وقاية لهم وللأطفال والشباب الذين حرموا من لذة حياة هنية، آملة أن ينعموا فيه بالتعلم والتمدرس والعيش الرغد كما كانت تتصوره. فكانت لهم بمثابة الأم الرؤوم والمربية الفاضلة.
للمزيد..
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء السابع) |مكتبة فرندة
قبل أن توافيها المنية يوم 18 يوليوز سنة 2015 بتطوان مخلفة وراءها إرثا فكريا وأدبيا مُهما، نذكر من بينه:
– القصة التاريخية الموسومة ب: «الملكة خناثة قرينة المولى إسماعيل».
– «تاريخ التعليم العربي بأقاليم المغرب الشمالية»، باللغة الاسبانية.
– «الطفولة المغربية»، باللغة الإسبانية.
– مسرحية تمثيلية بعنوان: «كتاب محمد أو إلى دار الأرقم» غير مطبوعة.
– مسرحية بعنوان «أم سلمى».
– مذكرات سمتها:« حديث الذكريات».
– «من الملف المدرسي» مجموعة مقالات لم تنشر.
– «شعراء العصر الذهبي الإسباني» غير مطبوع.
– «فصول من كتاب العرائش» للإسباني غارسيا فيكراس (ترجمة)غير مطبوع
– «أوراق ذاوية» وهي يوميات حرب الخليج غير مطبوع.
– «دور المرأة العربية في الحياة السياسية بالأندلس» غير مطبوع وغيرها.
– «كتاب عن سيرة أخوالها الخطابيين الورياغليين.
للمزيد..
لوكاندة بير الوطاويط عرض بقلم مصطفى عبيد pdf | مكتبة فرندة
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh