ملتقى الهناجر الثقافي| ناهد عبدالحميد : تنمية الإنسان السبيل لنهضة الوطن وتقدمه
“مصر 2020.. والعبور للمستقبل” على مائدة ملتقى الهناجر الثقافى
ناهد عبدالحميد: تنمية الإنسان السبيل لنهضة الوطن وتقدمه.
خيرية البشلاوي.. تطالب بوضع ملحمة أكتوبر بشكل تفصيلى ضمن المناهج الدراسية.
عبدالمحسن سلامة: مهمة الإعلام تتمثل في توصيل الحقيقة للجميع.
إكرام بدر الدين.. يوصى بانشاء “مجلس أعلى للتثقيف السياسى”.
أشرف عبدالرحمن: فن الغناء المصرى المؤثر الأكبر فى تشكيل الهُوية الموسيقية العربية.
عقد قطاع شؤون الإنتاج الثقافى، ملتقى الهناجر الثقافى الشهرى تحت عنوان “مصر 2020.. والعبور للمستقبل”، مساء أمس الإثنين، بمركز الهناجر للفنون في ساحة دار الأوبرا المصرية، مع تنفيذ كافة الاجراءات الاحترازية والوقائية حرصا على صحة المواطنين.
شارك في الندوة الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة، والكاتب الصحفى عبدالمحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، والناقدة الفنية خيرية البشلاوى، والدكتور أشرف عبدالرحمن، أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون، وأدارت الندوة الناقدة الدكتورة ناهد عبدالحميد، مدير ومؤسس الملتقى.
قالت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة ملتقى الهناجر الثقافى ومؤستسه، إن في حياة كل الأمم والشعوب لحظات فارقة، تحمل فى طياتها قراءات للحاضر، وربما تقدم نبؤات للمستقبل، وأبرز تلك اللحظات الفاصلة والفارقة في حياتنا هى حرب أكتوبر المجيدة، وفي حياة الأمة العربية في التاريخ الحديث والمعاصر، معركة الكرامة وهي يوم 6 أكتوبر 1973 العظيم.
واستطردت عبدالحميد، حول شجاعة جنود مصر وبسالتهم، مستشهدة بحديث رسول الله (ص) قائلة: “إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا، فذلك الجند خيرُ أجنادِ الأرض.وانهم في رباط إلى يوم القيامة”، مضيفة نحن الآن بصدد مجابهة تحديات وحروب من نوع آخر، الانتصار فيها يحتاج لعبور جديد، لتحقيقه علينا أن نضع مفهوم بناء الإنسان المصرى على رأس أولوياتنا.
وأوضحت عبد الحميد، أننا نحتفل بالذكرى السابعة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد، وأكدت فخرها بتجدد احتفالنا كل عام بهذا النصر الكبير، الذى أدخل العزة والكرامة إلى كل بيت مصرى وعربى، حيث قدمت هذه الحرب نموذجا كيف تكون اللُحمة الوطنية، وكيف يكون الكل في واحد ، فقد وحدت المصريين جميعًا على قلب رجل واحد، لذا فإنها بلا شك الذكرى الأهم والأعظم والاجل فى تاريخنا المصرى.
وقد هنأت أبناء الشعب المصرى كافة، وقواتنا المسلحة البواسل بحلول هذه الذكرى الغاليه، مقدمة التحية والتقدير إلى أرواح شهدائنا الوطن بمعركة الكرامة أكتوبر 1973، كما قدمت التحية لروح الشهيد، بطل الحرب والسلام الرئيس محمد أنور السادات، ولروح القائد البطل الفريق الشهيد سعد الدين الشاذلى، ولروح الشهيد البطل العميد إبراهيم الرفاعى، وسائر شهداء مصر الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداءً للوطن، وكذلك اللواء محيى نوح، الذى حالت دون رغبته ظروف منعته من حضور الملتقى.
وأشارت عبدالحميد، إلى أن اللواء محى نوح يعد أحد الأبطال البارزين بالمجموعة (39 قتال) ضمن سلاح الصاعقة بالقوات المسلحة المصرية، وقد شارك بجسارة فى حرب أكتوبر العظيمة، فى حرب الاستنزاف بداية من عام 1967 وصولًا إلى حرب 1973، وله انجازات عديدة مشرفة، ومنحه الزعيم جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات أرفع الاوسمة والأنواط العسكرية تقديرا لبطولاته.
ومن جانبها أكدت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى، على وجود قصور بالغ فى تناول السينما المصرية لملحمة وطنية كبرى مثل حرب أكتوبر المجيدة، فلم يقدم صناع السينما والدراما وكذلك الأغنية المصرية أعمالًا توازى حجم هذا الحدث الضخم بالشكل الذى يستحقه، نعانى حالة خمول كارثية، وكأننا لم ننتبه بعد بخطورة ما تحمله القوى الناعمة من أدوار فى منتهى الأهمية، نحن فى أمس الاحتياج لأعمال وطنية توثق بطولات أبناء مصر البواسل، مثل البطل إبراهيم الرفاعى “صائد الدبابات”، وتابعت محذرة من أن عدم معرفة الأجيال الجديدة لهؤلاء الأبطال، يعد أمر بالغ الخطورة.
وأشارت خيرية البشلاوى، إلى أننا نعيش مرحلة دقيقة وصعبة، حروبها تسمى حروب الجيل الرابع والخامس، خلالها نواجه عدو خفى، لذا فهى أصعب من الحروب التقليدية، وتابعت متعجبة من عدم تأدية تحية العلم فى بعض المدارس، وهو أمر غير مقبول ويحول دون تنمية الجانب الوطنى لدى النشء.
وطالبت البشلاوي، بوضع ملحمة حرب أكتوبر بشكل تفصيلى ضمن المناهج الدراسية، وتركيز الاهتمام على بناء الإنسان المصرى، مؤكدة أن عبور مصر للمستقبل، يستلزم فى الأساس توجيه أكبر اهتمام ممكن لمحاربة الجهل ومفسدات الذوق العام الدخيلة على مجتمعنا، ودعم الشخصية المصرية والارتقاء بها.
وأكد الكاتب الصحفى عبدالمحسن سلامة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أن مهمة الإعلام تتمثل فى توصيل الحقيقة، إلا أن بعض المنصات الإعلامية تنفذ مؤامرات على مصر، بواسطة ترويج الشائعات والأكاذيب بهدف اختلاق الأزمات وتصديرها للدولة المصرية.
وأوضح سلامة، أنه رافق الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال افتتاح عدة مناسبات منها، افتتاح أنفاق تربط سيناء بسائر المحافظات وهو الأمر المهم جدًا، حيث تم مؤخرًا افتتاح أربعة أنفاق دفعة واحدة خلال فترة قصيرة لم تتجاوز ستة أشهر، مشيرًا إلى أنه يعد أمرًا مستحيلًا يؤكد مدى جدية الدولة فى تحقيق التنمية الشاملة.
وأضاف سلامة، أن المسألة ليست مجرد تشييد الأنفاق، ولكنها خطوات محسوبة تجاه خطة الدولة لتوسيع مساحة مصر المعمورة من 7% لتصل إلى 14%، أى مضاعفتها، وكذلك تحقيق أفضل استفادة من أرض الفيروز شبه جزيرة سيناء التى تبلغ مساحتها حوالى 6% من مساحة مصر الكلية، حيث أن كثافتها السكانية منخفضة جدًا بسبب صعوبة الانتقال منها وإليها، وهو ما فطنت إليه الدولة المصرية، وتتعامل معه بشكل علمى.
وقال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مدلول لفظة العبور لغويًا هو الانتقال من جهة إلى أخرى، وحين احتمى العدو الإسرائيلى بالساتر الترابى المسمى “خط بارليف”، الذى أكدت كبريات القوى العسكرية حول العالم استحالة تدميره لحد بعيد، إلا بواسطة قنبلة نووية، ولكننا لم نيأس، فجاءت فكرة هدمه باستخدام خراطيم المياه للبطل الراحل اللواء مهندس باقى يوسف، وبالفعل عبرنا وانتصارنا فى حرب أكتوبر المجيدة، وكان عامل النجاح الأول هو الجندى المصرى، الذى قلب الموازين كافة، بروحه المعنوية التى حققت المستحيل، بالرغم من التحديات الكبيرة آنذاك، فقد حول الجيش المصرى الهزيمة إلى نصر، متحديًا جحافل قوات العدو الإسرائيلى وظروفنا الصعبة والتغيرات الدولية.
وأشار بدر الدين، إلى أن رؤيته للعبور لا تنحصر فقط فى معناها المباشر، بل إنه يراها بالمعنى الأعم، عبورًا من الهزيمة إلى النصر بكل عزيمة وشجاعة، لذا فلا بديل عن عبور تحدياتنا، سنتخطاها وإن تعددت مجالاتها، وسنحقق الانتصار بالعودة إلى روح العبور فى السادس من أكتوبر.
وأكد بدر الدين، أن الانتصار المصرى والعربى على قوات الاحتلال إسرائيلى، فى السادس من أكتوبر عام 1973، يُعد حقيقة ثابتة اعترفت بها العالم وكذلك إسرائيل نفسها، وأوضح أن الرئيس الأمريكى هنرى كيسنجر أشار حينذاك فى مذكراته إلى أنه لولا انتصار مصر والعرب عام 1973 على إسرائيل، لم تكن إسرائيل أقدمت على تحقيق السلام بأى حال من الأحوال، لذا فإنه من غير المنطقى أن يشاع بواسطتهم ما يتعارض مع الأمر الواقع الذى أقروه بأنفسهم، قبل قرابة نصف قرن من الزمان! سيبقى نصر السادس من أكتوبر هو الانتصار المصرى والعربى الأكبر، خلال القرنين الماضيين.
وحذر بدر الدين، أن مصر وطننا باتت هدفًا لحروب الجيل الرابع، لذا فيجب التصدى للأكاذيب التى تبثها بعض القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية المغرضة، حيث أن هدفهم من وراء نشر تلك الأخبار الكاذبة، هو الإثارةً للفتن بين أبناء الشعب الواحد، مشيرا إلى أن هذه الحروب القذرة تتم بواسطة أجهزة استخبارات أجنبية، كما أوصى بإنشاء “مجلس أعلى للتثقيف السياسى”، على أن يتبع مباشرة مجلس الوزراء المصرى، وأن يحمل هذا المجلس ملف تنمية المعرفة والوعى السياسى لدى الشعب المصرى، وتسليط الضوء على ما أتمته الدولة من إنجازات، فإن تنمية الإنسان تُعد خط الدفاع الحصين عن مصر، كما أنها السبيل لنهضة الوطن وتقدمه.
ومن جانبه أوضح الدكتور أشرف عبد الرحمن، أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون، أن مصر شكلت الهوية الموسيقية العربية بداية من ثلاثينيات القرن الماضى، فقد وجدت الأغنيات المصرية لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وكوكب الشرق أم كلثوم، والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ طريقها إلى قلوب شعوب الوطن العربى، فصار فن الغناء المصرى هو المؤثر الأكبر فى تشكيل الهُوية الموسيقية العربية، وعشق الوطن العربى لهجتنا المصرية بفضل تذوقهم للفن الرفيع الذى قدمه هؤلاء الفنانين المصريين العظام، وكذلك بفضل ما قدمته السينما المصرية الرائدة، من إبداعات وأعمال خالدة، وتابع كلمته حول أهم الأغانى الوطنية التى ارتبطت بنصر أكتوبر المجيد.
وأوضح عبدالرحمن، أن أغنية “على الربابة” التى لحنها الموسيقار الكبير بليغ حمدى، بصحبة زوجته الفنانة وردة الجزائرية، وكتب كلماتها الشاعر عبدالرحيم منصور، تشهد كواليس إذاعتها على وطنية هؤلاء المبدعين الكبار، حيث قدمت الأغنية عقب السادس من أكتوبر، وكانت الإذاعة وقتها علقت الإنتاج الغنائى، لأن جميع المخصصات المالية كانت تؤول إلى المجهود الحربى، فجاء إصرار هؤلاء المبدعين لتأدية دورهم الوطنى، لدرجة أن الموسيقار بليغ حمدى أكد أن هذا هو واجبه نحو وطنه، وبالفعل تحمل هو تكاليف إنتاجها بالإذاعة المصرية، وسجلت فى نصف ساعة وتم إذاعتها احتفالا بنصر أكتوبر، ونجحت الأغنية نجاحًا باهرًا.
كما تخلل الندوة باقة فنية متنوعة لفرقة “شموع” الموسيقية بقيادة الفنان سعيد عثمان منها عزفًا منفردًا بآلة “الأوكرديون” لمقطع من أغنية كوكب الشرق “ألف ليلة وليلة”، وتغنى الفنان سعيد عثمان “سحب رمشه، لفى البلاد يا صبية، النجمة مالت عالقمر، كما تغنى الدكتور أشرف عبدالرحمن: “عدى النهار، عاش اللى قال، صباح الخير يا سيناء”، واختتما “عبدالرحمن” و “عثمان” الندوة بأغنية “أحلف بسماها” والتي تفاعل معها الحضور بترديد الكلمات.
وفي ختام الندوة كرمت الدكتورة ناهد عبدالحميد، مدير ومؤسس ملتقى الهناجر الثقافي، الكاتب الصحفي عبدالمحسن سلامة رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، والدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والناقدة الفنية خيرية البشلاوى، والدكتور أشرف عبدالرحمن، أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، واللواء هشام الهناوى، والد الشهيد النقيب اسلام الهناوي، بمنحهم درع الملتقى وشهادة تقدير، لجهودهم المبذولة تجاه الوطن كل في مجاله.
للمزيد..