رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثالث عشر) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثالث عشر) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال 

رواية مسلسلة مليئة بالغموض والإثارة

 

 

انتهى من كلامه فوجد أن الأمطارَ قد توقفت واختفى الرعدُ والبرقُ كأنهما لم يريدا أن يفسدا على فهد كلماته ، ووجد أباه قَدْ سَكَنَ وهدأت أنفاسه كثيرًا عمّا كانت منذ قليل ، كأنه سمع ما قال فهد .

اختفى كل شيء حوله وأصبح باللونِ الأبيض ، فسكن فهد في مكانه وأغلق عينيه كأن ما قاله كان كالدواء لقلبه ، فهذه ليست مجرد كلمات تخرج من الفم لتُسْمَع بالأذن .

وراء كلِّ كلمةٍ من هذه الكلمات حكاية طويلة لا يعرفها إلا فهد ووالده فقط ، فقد كانا هما بطلا كلِّ حكايةٍ من تلكم الحكايات .

بالنسبة لهما لم تكن مجرد نقطٍ موضوعة على حروفٍ مُكوّنة كلمات وجُمل ، كانت كريستالات مضيئة موضوعة على حروف من لؤلؤ تنير قلبين ، مِنْ حبهما وقربهما من بعضهما البعض لا يفصلهما إلا قليلٌ من اللحم .

قد يبدو أن كل داء في الدنيا يحتاج دواءًا يُشرَب أو أقراصًا لتعالج هذا الداء ، ولكن بعض الأمراض لا تُشفَى بهذه الأشياء لأنها ليست في الجسد بل في الروح .

الداءُ يكون في الروحِ فكيف تُشفَى الروحُ بدواءٍ ماديّ ، قد تكون بعض الكلمات أو الحركات أو الهمهمات أو حتى النظرات هي الدواء لتلك العِلَّة في الروح .

يكون الداءُ واحدًا ولكن دواءه مختلف من شخصٍ لأخر ، فكان دواء فهد عند خوفه وفزعه وعدم اطمئنانه هو تلكم الكلمات القليلة ، التي كانت تنطلق من لسان مليء بالعطفِ والحبِّ لتخترق كلَّ خليةٍ في جسده مكونةً جبالًا وقصورًا وقِلاعًا ، كأنها حصونٌ تحمي قلب فهد مما يفزعه .

شعر فهد أنها كما كانت دواءًا لروحه الخائفة في وقت من الأوقات ومازالت كذلك ، فربما ستكون نورًا للظلام الذي أحاطَ بقلبِ أبيه في هذه الليلة وقد كانت بالفعل .

كان يعلم أن أباه لم يسمع كلَّ الكلمات ، ولكنه مُتأكدٌ أنه سمع ولو جزءًا منها على الأقل مما جعله يسكن في مكانه هكذا .

فتح عينيه الممتلئتين بالإصرار وقال بحزم : ” سأُنهي هذا ” .

 وجد أن منزله ظهر أمامه مجددًا والزمنُ يتحركُ بسرعةٍ كبيرةٍ كما حدثَ قبلًا ولكن هذه المرة كان يتحرك للخلف .

 

لقراءة الجزء الثاني عشر

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثاني عشر) |مكتبة فرندة

 

 

لقراءة الجزء الحادي عشر

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الحادي عشر) |مكتبة فرندة

 

كأن الزمنَ يعودُ للوراء ، فوجد أوراق الأشجار المتساقطة الملونة بلونها البرتقالي المائل للأحمر كما في الخريف ترتفع مِنْ على الأرض لتعود لمكانها على الأشجار مجددًا ، ولونها يعود إلى اللون الأخضر من جديد .

رأى الشمسَ بازغةً ويبدو أن الجوَّ حارٌ كأنه الصيف واستدلَّ على ذلك من اختفاء بعض الحيوانات التي كان يراها بجوار منزله وهي لا تختفي هكذا إلا في ذلك الصيف الحار .

رأى الكثير والكثير من النباتات والزهور الجميلة المشرقة والمُتفتِّحة وهي تعود خضراء وصغيرة كما كانت قبل أن تتفتح في الربيع ، ثم رأى الأمطار الغزيرة وهي تهطل مع نورِ البرقِ الأبيض يزيِّن صفحةَ السماء ، يتبعه صوت الرعد الذي يدوي في الأرجاء .

ظل هذا التسلسل يتكرر أمامه مُعلنًا انكسار كل قوانين الفيزياء المعروفة في هذا المكان .

توقف كل شيء وعاد لسرعته الطبيعية فوجد رجلًا وامرأة وطفلة صغيرة لا يعرف أيًّا منهم ، وكان الرجل مستلقيًا على الأرض ورأسه على حِجْرِ الطفلة الصغيرة وهي تبكي مع تلك المرأة بجوارها التي تبدو أنها أمها .

كان الرجل مبتسمًا ابتسامه حانية مليئة بالإشفاق وممزوجة بالحب المشوَّبِ بالحزن والخوف .

وجد الطفلة تقترب من الرجل كأنها تسمع شيئًا يقوله لها بصوتٍ خفيت فازداد بكاء الطفلة مما سمعت .

أغلق الرجل عينيه مما جعل المرأة و الطفلة تزيدان في بكائهما أكثر وأكثر ، وعندها أدرك فهد أن هذا الرجل قد مات .

فرَّت دمعة من عين فهد لَحِقَتْها أختها من العين الأخرى معلنتان عن تأثُّرِهِ مما رأى أمامه ، وزاد حزنه أنه بعيدٌ عن والده تلك المدة الصغيرة التي مرَّت عليه كأنها دهرٌ كامل ، ثم وجد أن الزمن يتسارع من جديد للأمام ولكن بسرعة أقل مما كان عليها .

كأن الوقت الذي مرَّ منذ قليل يُقدَّر بالسنوات ولكن للماضي ، والآن فهو بضعة أيام فقط للأمام .

الأمرُ محيِّرٌ بالنسبة لفهد قليلًا ، سمع من والده عن السفر عبر الزمن والقوانين التي تحكم هذا الموضوع وتجعله مستحيلًا في الحياة العملية الواقعية ، ولكن هذا المكان تدمَّرت فيه كل قوانين الفيزياء بما فيها نسبية اينشتاين بمعناها الشامل والكامل .

اختفى كل شيء أمام فهد وشعر أنه للحظة أظلمت عيناه ، ثم وجد نفسه واقفًا على الأرض أمام الشجرة الكبيرة بجوار منزله ، فسمع صوتًا رقيقًا خلفه يقول : ” من أنت وكيف أتيت إلى هنا ……..؟ “

 

لمتابعة الجزء الرابع عشر من رواية سانتوريني :

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الرابع عشر) |مكتبة فرندة

 

لقراءة رواية سانتوريني ومعرفة أحداثها من البداية :

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 |مكتبة فرندة

 

 

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

شارك المقالة