رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الخامس عشر) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الخامس عشر) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال 

رواية مسلسلة مليئة بالغموض والإثارة

 

الفصل الحادي عشر

” الشعلة الصغيرة “

 

فتح عينيه متثاءبًا وهو يمدد جسده ، نظر حوله فوجد نفسه في غرفة بابها مغلق وكذلك نوافذها وستائرها ، فتساءل في نفسه عن كيفية وصوله لهذه الغرفة وقد غطَّ في النوم على كرسي في غرفة المعيشة أمس .

لم يعرف كم نام من الوقت لكنه شعر أنه نام كثيرًا و أصبح نشطًا عن ذي قبل ، قام من على السرير وذهب ليفتح الستائر لتنغلق عيناه رغمًا عنه عندما سطع نور الشمس القوي داخل الغرفة ، ظن في البداية أنه نام سويعات قليلة لأنه نام في النهار واستيقظ نهارًا أيضًا .

سمع الباب يدق ثم يُفتح ببطئ ليجد والدة ميرال تدخل الغرفة ، نظرت لفهد وابتسمت ثم قالت : ” هل أيقظتك يا فهد ؟ ” .

رد فهد بنبرة أدب : ” لا ، قد كنت مستيقظًا قبل مجيئك “

  • لقد نمت كثيرًا يا ولدي ، أنت نائمٌ ليومٍ كامل ، ألم تنم منذ أسبوع ؟

تعجب فهد قليلًا ثم قال : ” أمس ! ” ثم أردف بنفس النبرة : ” ظننت أني نمت ساعاتٍ قليلة ” .

  • لم أُرِدْ إيقاظك وتركتك نائمًا ، كان يبدو عليك التعب و الإرهاق الشديدان أمس ، هيا الآن لنأكل معًا .

ذهبا فجلسا معًا على طاولة الطعام فبادر فهد بالقول عندما لم يجد ميرال : ” أين هي ميرال ؟ ، ألم تستيقظ بعد ؟ ” .

وجدها قادمةً من الطابق الثاني فور انتهائه من سؤاله وقالت : ” صباح الخير يا فهد ، نمت طويلًا أمس ، هل أنت مريضٌ أم ماذا ؟” ، ردَّ على استحياء واضح : ” صباح النور ، لقد كنت متعبًا قليلًا فقط ، أنا الآن بخير ، شكرًا على سؤالك ” .

لا يدري فهد ما يحدث له ولكن الخجل والاستحياء يملأن وجهه كلما تحدثت إليه ، أستطيع أن أرى ذلك بكل وضوح على وجهه ، وأرى كيف يحاول إخفاء تلك الأمارات عن وجهه سريعًا حتى لا يلاحظها أحدٌ .

لا يدري أنه ككتابٍ مفتوح أمامي ، أنه مهما أخفى من تعابير وجهه فلن يستطيع إخفاء تلك اللمعة التي تظهر في عينيه كلما رآها ، لن يستطيع إخفاء اضطرابه عندما يراها تنظر إليه ، لن يستطيع منع قلبه من الخفقان سريعًا كلما سمع اسمه على لسانها .

ظلّوا جميعًا يتحدثون ويضحكون معًا وهم يأكلون حتى انتهوا من طعامهم ، وفي النهاية وجَّهت ميرال كلماتها لوالدتها قائلةً : ” نسيتُ أنْ أخبركِ يا أمي أنني أنهيت ترتيب غرفة فهد بعدما خرجتما منها ” .

رد فهد مسرعًا : ” نسيتُ أنْ أفعل هذا ، أنا آسف ، لا أريد إرهاقكم معي ” ، ردت عليه أيسل : ” لا تقلْ هذا يا فهد ، فأنت مثل ولدي ، وعلى كل حال ميرال لا تمانع أن تقوم بذلك ، أليس كذلك يا ميرال ؟ ” ، قالت سؤالها الأخير وهي تنظر لميرال .

لمح فهد شبح ابتسامه على وجه ميرال وهي تأخذ الأطباق التي على الطاولة دون النطق بأي كلمة وتركت سؤال والدتها مُعلَّقًا في الهواء .

 

لقراءة الجزء الرابع عشر

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الرابع عشر) |مكتبة فرندة

 

 

لقراءة الجزء الثالث عشر

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثالث عشر) |مكتبة فرندة

 

لا يدري إن كانت ابتسامتها خجلًا أم موافقةً على كلام والدتها ، سأل نفسه سؤالًا لا يعرف إجابته ، وجزء منه لا يريد أن يعرف من الأساس ” هل هذا حقيقي ؟ ” .

لم يَلْحَظْ ذهابَ والدة ميرال من جواره وعودتها بعد فترةٍ وجيزة ، كان عندما يشرد ويفكر في شيء يختفي عقله من عالم الواقع ويذهب لعالمٍ آخر ، كأن حواسه تتوقف عن عملها ويسبح في محيط عقله الضخم ببراعة وسرعة حتى كاد يمشي على الماء من سرعته .

كان كأنه يجمع قلبه وعقله في اجتماع ويتحدث معهما كأنه يراهما حقًا ، غاب عن العالم الذي نحن فيه وذهب لعالمٍ آخر ؛ عالمٍ يخصه وحده ، هو الوحيد المتحكم فيه ، عالمٍ يمكنه فيه أن يعيش مع أحلامه وأمنياته ، وتُفتح فيه كلُّ كتب الأسرار المخبئة في قلبه الصغير .

عادت حواسه للعمل عندما سمع صوتًا بجواره يقول : ” أنت تشرد كثيرًا يا فهد ” ، نظر بجواره فوجد والدة ميرال تبتسمُ له وتقول : ” أيمكن أن أطلبَ منك طلبًا ؟ “

  • بالطبع يمكنك ، ماذا هنالك ؟ ؟
  • تعلم أن والدَ ميرال قد ماتَ منذ مدةٍ قليلة وهي كانت متعلقة به كثيرًا ، ربما حتى أكثر من تعلقها بي أنا ، أرى الحزنَ قابعًا في عينيها ويؤلمني هذا كثيرًا ؛ يؤلمني لأنني والدتها ولا أستطيعُ رؤيتها هكذا ، ويؤلمني أكثر أنني لا أستطيعُ أن أمحو عنها هذا الحزن مهما حاولت .

صمتت قليلًا ثم أردفت بعدما ترقرقت دمعةٌ في عينها : ” إنه والدها وله مكانةٌ خاصة في قلبها ، وموته كان أصعب شيء مرَّ عليها في حياتها ، ولكن لاحظتُ أنها سَعِدَتْ قليلًا عندما تحدثتما أمس قبل خروجي من المنزل ورؤيتك ، رأيت بعضًا من الفرح تخلَّلَ الحزن في عينيها وهي تحكي لي ما حدث أمس بينكما ، أظن أنكما في نفس العمر و أرى أنها أنِسَتْ بك ولو قليلًا ” .

نظرت لفهد في عينيه وقالت : ” هل يمكنك التحدث معها ؟ ، ليس عن هذا الموضوع بل عن أي شيء ، لعلَّ التئام بعض جروحِ قلبها تكون على يديك يا فهد ، إنها الآن في غرفتها “

أنصت فهد لكلامها كله ولم يُرِدْ أن يقاطعها ، نظر إليها بعدما أنهت كلامها فقال وظهر في صوته نبرة الاضطراب من طلبها ؛ ليس لأنه يرفض طلبها أو لا يريده ، بل لأنه لا يعرف ما يفعل ويخاف أن يزيد الأمر سوءًا فقال : ” سأحاول على قدرِ استطاعتي ” ، وأنهى جملته بابتسامه لطيفة ، فشكرته كثيرًا وقالت : ” أعلمُ أنْ هذا يمكن أن يكون صعبًا عليك قليلًا ، لكن لا أرى حلَّا آخر قد يساعدها الآن ” .

صمتت قليلًا ثم أردفت : ” اذهب لها في غرفتها الآن كأنك تريد أن تفعل أي شيء ، أو تريد أن تتحدث بخصوص أي شيء ثم تحدث معها ، ولا تخبرها بكلامي هذا معك ” .

 

لمتابعة الجزء السادس عشر من رواية سانتوريني :

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء السادس عشر) |مكتبة فرندة

 

لقراءة رواية سانتوريني ومعرفة أحداثها من البداية :

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 |مكتبة فرندة

 

 

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

شارك المقالة