إهداء إلى روح الكاتب الكبير (د. نبيل فاروق)
💔💔💔💔💔💔
تجمع المئات في تلك القاعة الأنيقة حيث تتقبل أسرة الدكتور نبيل فاروق العزاء وسط حضور العديد من محبيه وقراؤه من شتى بقاع الكرة الأرضية
فشهرة الراحل على ما يبدو قد ملئت الأفاق واتسعت لتشمل كل من يقرأ بلغة الضاد في شتى أنحاء العالم، ولكن ذلك الأمر لم يثير دهشة الحضور كما أثارتهم رؤية جمع أخر دلف إلى المكان في صمت حزين.
كان جمعاً عجيباً حقاً فهم يبدون كما لو أن لا شيء يجمع بينهم إلا ذلك الحزن في عيونهم والكآبة الخانقة التي تظللهم بأزيائهم الغريبة وهيئتهم الأكثر غرابة.
فعدا رجل طويل وسيم الملامح عصري اللباس ترافقه حسناء سوداء الشعر أقصر منه بكثير وهى تبدو منهارة على نحو واضح كان الأخرون يبدون كما لو كانوا لا ينتمون لهذا الزمن أو حتى لهذا الكوكب.
فعلى مقربة من الوسيم الذى يناديه الجميع بسيادة العميد ويولونه احتراما خاصا جلس رجل وزوجته وصديقيه ولكن ما لفت النظر إليهم هو زيهم اللامع الغريب وذلك السلاح العجيب في حزام قائدهم.
بينما ارتدت زوجته ساعة عجيبة في معصمها تطلق أشعة عجيبة طوال الوقت وتتصل بشكل ما بأخرى في معصم ابنتها.
كانت ابنتها وحدها تثير الحيرة أكثر فهى تبدو في مثل عمر والدتها بالضبط.
مما حدا ببعض الحاضرات للتساؤل عن تلك التقنية التجميلية التي مكنت الأم أن تبدو في عمر أصغر من عمرها بعشرين عاما على الأقل.
أما زوج الإبنة وهو طبيب شاب فقد أطرق في حزن وهو يربت مرارا على كتف شاب نحيل يجلس إلى جواره وقد انسابت دموعه دون توقف مما حدا به إلى أن يقول: يقلقني انهيارك هذا يا محمود.
أرجوك تماسك قليلا ولا تضطرني الى صفعك أمام هذا الحضور.
تطلع إليه قائدهم في ضيق فهز الطبيب كتفيه بإشارة عجز واضحة قبل أن يشيح ببصره بعيدا بينما رمق نور وهو اسم قائدهم زميله محمود في إشفاق وهو يقول: سامحنا على استدعائك من نهر الزمن بهذه الطريقة يا محمود ولكنك تعرف أن المصاب جلل.
هز محمود رأسه في صمت بينما دلف الى المكان فارس يبدو أنه قادم من أعماق التاريخ العربي القديم بزيه العجيب وهو يقول بعجلة: معذرة لتأخري يا قوم فقد كانت زوجتي جميلة تضع مولودنا الأول عندما تلقيت الخبر.
هز الجميع رؤوسهم وهم لا يعلمون إذا كان من اللائق تهنئة الرجل وسط هذا الحزن أم لا؟!
فأطبقوا شفاههم وهم يطرقون في صمت بينما اتخذ هو مجلسه بينهم وهو يتلفت حوله قائلا بدهشة : أين نديم ؟
رمقه العميد الوسيم بنظرة ضيق بينما هتفت زوجته من وسط دموعها: لقد انهى تحطيم بعض أعمدة الفساد في البلاد منذ دقائق ولابد أنه في طريقه إلى هنا.
هز الفارس رأسه في تفهم قبل أن ينتاب الجميع دهشة بالغة لقدوم عائلة البنهاوي بأكملها الى المكان.
لم يكن سبب دهشتهم هو حضورهم بالطبع ولكن السبب هو حضورهم بصحبة بعضهم البعض وكأنما أنستهم فداحة المصاب تلك الخلافات التي دبت بينهم ففرقت العائلة منذ عقود.
لم تكد عائلة البنهاوي تتخذ مجلسها في سرادق العزاء حتى اقتحم المكان رجل وسيم يرتدي ملابس سوداء من قمة رأسه حتى أخمص قدميه وبرفقته حسناء بيضاء البشرة مالت على أذنه وهى تقول: لقد سبقنا الجميع بالحضور يا نديم.
زفر الرجل في ضيق وهو يهتف: أعلم يا غادة ، ولكن الواجب كان له الأولوية كما علمنا الدكتور نبيل رحمه الله.
اجابت بحزن: نعم يا نديم فقد غرس الراحل العزيز فينا هذه القيمة، أن الوطن يأتي أولا وهو قبل كل شيء وأهم من كل ما عداه .
هز رأسه وهو يشير الى مقعدين إلى جوار العميد الوسيم وهو يقول: من الأفضل أن نجلس فالعميد ادهم صبري على وشك الانفجار فينا جميعا.
إلتفتت الشابة حيث أشار قبل أن تقول: سأذهب لتحية منى والجلوس معها قليلا فنحن لم نلتق من قبل كما تعلم ولكنني اعتبرها مثلي الأعلى.
هز نديم رأسه بينما اندفعت الشابة نحو منى توفيق وجلست إلى جوارها وهى تقول: كيف حالك ايتها المقدم؟
اجابت منى من وسط دموعها الغزيرة: لست بخير ابدا يا غادة فلم أتصور ابدا ان يأتي هذا اليوم الحزين.
تطلعت اليهما سلوى قبل ان تقول في حزن: أنت على حق يا منى، إن قلبي يكاد ينفطر حزنا منذ جاءنا الخبر الأليم.
ارتفع نحيب النسوة الثلاث بينما تحفز الدكتور رمزي وهو يهمس في اذن زوجته: حبيبتي، إن والدتك وصديقاتها على وشك الانهيار حقا هذه المرة.
تطلعت إليه قبل ان تقول في توتر: إياك ان تفكر في صفع احداهن يا رمزي فالعميد ادهم صبري قد يمزقك إربا إذا ما لمست شعرة واحدة من جسد زوجته.
أما نديم فأنت تعرف مقدار تهوره، و أبي قد ضاق ذرعا بطريقتك في معالجة الأمور.
انتقل توترها إليه فأطبق شفتيه قبل ان يقتحم رجل فوضوي على نحو واضح المكان فزفر بضيق وهو يقول: أين كان هذا الهمجي يا ترى؟
رمقته بنظرة ضيق قبل أن تقول: ألن تكف عن غيرتك هذه منه؟
هتف باستنكار: هل جننت؟ كيف يغار طبيب في مثل مكانتي العلمية من همجي مثل أكرم هذا؟
هتفت بحدة: أخبرني أنت !! لماذا؟
هم بالشجار معها لولا أن استوقفته نظرة صارمة من عيني العميد أدهم فابتلع حديثه وصمت.
بينما أسرعت آمراة جميلة الملامح نحو اسرة الدكتور نبيل وقدمت واجب العزاء بشكل ديبلوماسي لا يتناسب وحزن رفاقها مما أثار ضيقهم جميعا وهتف نور: انها لن تتغير ابدا!
اجابت زوجته بابتسامة باهتة: انت تعرف مشيرة.
مط شفتيه وهو يتمتم: نعم ، للأسف.
اقتربت مشيرة من العميد ادهم وهى تقول: سيادة العميد، لدي خبر حصري من أجلك.
رمقتها منى بفضول بينما عقد أدهم ساعديه امام صدره وهو يقول ببرود: خبر حصري !! أحقا لا تدركين ما نحن فيه يا سيدتي؟
رمقت مشيرة بطرف عينها قدري البدين الذى هرع الى حيث جلس أدهم ودموعه تغرق وجهه قبل أن تقول: اتعلم أن الجهة الأخرى تقيم حفلا باذخا.
سألها بدهشة : أية جهة؟ وأي حفل ؟!
جلست على مقعد قريب وهى تدير عينيها في الجميع قبل أن تقول: أوغاد الموساد وسونيا جراهام وموشى دذرائيلي و رجال منظمة سكوربيون وانضم اليهم اوغاد جلوريال الغزاة وبعض الحقراء الذين قدموا من المستقبل والماضي أيضا.
توتر فارس الاندلس عندما جاءت على ذكر الماضي بينما انعقد حاجبي أدهم في صمت و هتف نديم في غضب: ياللحقارة.
هب فارس الاندلس من مجلسه واستل سيفه من غمده وهو يقول: ويل لهم مني.
أشار اليه نور الدين بالجلوس وهو يقول: كيف عرفت أنت هذا الأمر يا مشيرة؟
هزت كتفيها وهى تقول : أنسيت ان هذا عملي أيها المقدم؟
هتف زوجها بها: ليتك أخبرتني من قبل يا عزيزتي، لذهبت من فوري وحطمت روؤسهم بقبضتي.
أدار العميد ادهم صبري عينيه في الحضور ثم ربت على كتفي صديقه قدري مواسيا قبل أن يقول: وماذا كنتم تتوقعون من أوغاد مثلهم؟
رفعوا اليه عيون مليئة بالاستنكار ولكنه تجاهلهم وهو يستطرد بهدوء: هؤلاء الاوغاد يحملون كرها حقيقيا للرجل الذى هزمهم وأذل ناصيتهم بل وحقر من شأنهم دائما وجعلهم موضع كراهية القراء جميعا، فكيف تظنون أن يتقبلوا خبر موته؟
أومأت منى برأسها وهى تقول: أنت محق يا أدهم، كلنا يعرف كم تمتلىء نفوسهم بالكراهية.
هتف نديم: وهل سنصمت على هذه الوقاحة؟
هتف نور وهو يلقي بنظرة جانبية نحو ذلك الالي س-18 الذى وقف في جانب القاعة إلى جوار فاي : بالطبع لا، لا يمكننا قبول هذا مطلقا.
هتف بهم أدهم في صرامة: نعم ولكن ليس الأن!
عادت العيون جميعا تلتفت إليه فهتف بهدوء: دعونا نقيم حدادنا على أبينا الراحل ونكرم ذكراه كما يليق به قبل أن نتفرغ لاولئك الاوغاد عندها سيكون لكل حادث حديث.
تطلع اليه أكرم وقد تألقت عيناه بإعجاب قائلا : هذا هو القول الحق، احسنت يا سيادة العميد.
هز الجميع روؤسهم موافقين بينما أجاب نور بصوته الهادىء: أوافقكم بالطبع ولكن دعونا لا نخبر أسرة الراحل أي شيء.
اجابت غادة: بالطبع لن نخبرهم فقد يجرح هذا مشاعرهم بشدة.
وافقها الجميع في ارتياح وهم يراقبون وصول المزيد من اصدقائهم فهاهو حازم عبدالله الذى جاء برفقة سمير والدكتور محمود حجازى الذى استند على ذراع الدكتور عبدالله.
بينما التفتت أنظار الجميع نحو الممثلة الشهيرة هويدا كمال التي دلفت الى سرادق العزاء وهى ترتدي فراءا اسوداً ثمينا تبعها الوسيم حسام حمدي الذى رمق أدهم بنظرة خاصة قبل أن يتجه الى حيث قدم واجب العزاء بدوره ثم يجلس على مقربة من جيهان وزميلتها ناديةبعد أن حيا الجميع باقتضاب.
أدار أدهم عيونه في الحضور قبل أن يميل على اذن زوجته قائلا: من الجيد أن الجميع قد حضر فسنحتاج الى توحيد قوانا هذه المرة.
ربتت على يده وهى تقول بصوت يفيض حزنا : بالطبع يا حبيبي ، فلا أحد منهم يمكنه ان يتأخر عن مواساة اسرة الدكتور نبيل أبدا ، فأنت تعلم مكانته في قلوب الجميع.
اجابها بهدوء حزين: صدقيني يا منى ، لا يوجد بينهم من هو أكثر حزنا مني فقد شعرت بمرارة اليتم اليوم من جديد.
انسابت دموعها وهى تقول : أعلم كم تحبه يا أدهم ، اعلم كيف إرتبط إسمك باسمه حتى صعب التفريق بينكما ولكنك تعلم أن كل حي الى زوال والباقي هو وجه الله سبحانه وتعالى وحده.
هتف بإيمان : ونعم بالله يا منى.
للمزيد..
لماذا غاب نحس رفعت إسماعيل عن مسلسل ما وراء الطبيعة ؟!
صمت الجميع عندما عاد الشيخ لقراءة القرآن من جديد وأطرقوا بروؤسهم في خشوع حزين وفى رؤوسهم دار سؤال وحيد: هل انتهى عالمنا حقا ؟ ام ان الاساطير لا تموت؟
لقد صنع الدكتور نبيل فاروق عالمًا أسطوريًا كما يقول الجميع فهل يصمد هذا العالم حقا بعد رحيله ام ينهار؟
لم يدروا كيف اكتسبوا جميعهم موهبة التليباثي بطريقة مفاجئة ولكن صوتا يعرفونه جيدا انساب في آذانهم جميعا في نفس اللحظة، صوتًا لم يظنوا أنهم قادرين على سماعه من جديد هتف بهم بحنان: من قال أنني رحلت أيها الأعزاء؟
انتفضت أجساد الجميع في نفس اللحظة وهم يدورون بأعينهم في الحضور بوجل ولكن الصوت استطرد قائلا : قد يرحل الجسد يا أحبائي ولكن الروح باقية، وهي ما يربطني بكم الان.
سأبقى معكم وأراقبكم بشكل أفضل بعد أن تخلصت من أعباء الجسد الفاني ليستمر عالمنا الأسطوري الجميل الذى صنعناه معا ويجذب إليه الأف القلوب والعقول كل يوم، هل تفهمون؟
هزوا روؤسهم موافقين في صمت مهيب عندما ران في آذانهم صوت أبيهم الراحل وهو يقول: هؤلاء هم أبنائي حقا وليس أولئك المتخاذلين المتشائمين.
أبنائي الذين سأظل فخورا بهم ابد الدهر.
أبناء نبيل فاروق.
للمزيد..