كتاب أسرار معركة الحرية الضباط الأحرار
أسرار معركة الحرية .. كتاب حسن عزت المخفي بأمر الضباط الأحرار
أسرار معركة الحرية… كتاب نادر
رغم أن مقدمة هذا الكتاب كانت بخط يد أهم قامات سلطوية وسياسية وقتها (عبداللطيف البغدادي ، وأنور السادات، خالد محيي الدين، وثروت عكاشة وعزيز المصري، وصلاح عبدالمجيد، والشيخ أحمد حسن الباقوري، وفتحي رضوان، إلا أنه اختفى تمامًا !!
أحيانًا كتاب ما بغلاف مهترئ، قد يحتوي بداخله الكثير من أسرار وألغاز الماضي الذي يحاول البعض ان يخفيه، هذا ما حدث تمامًا مع كتاب « أسرار معركة الحرية » تأليف حسن عزت الذى صدر فى يوليو 1953 أي بعد الثورة بعام واحد.
تكمن أهمية الكتاب ذي المئة وثلاثين صفحة في مقدماته التي كتبها أبرز رجالات المرحلة وقد كُتب لهذا الكتاب ثماني مقدمات بقلم:
1- عبداللطيف البغدادي وزير الحربية
2- أنور السادات عضو مجلس قيادة الثورة
3- خالد محيي الدين عضو مجلس القيادة
4- عزيز المصري
5- فتحي رضوان
6- أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف الأسبق
7- ثروت عكاشة
8- صلاح عبدالمجيد.
وقد كانت مقدمة أنور السادات بعنوان «أخي في الإرهاب»، والفريق عزيز المصري قال إن ما كتبه حسن عزت في كتاب أسرار معركة الحرية إنما هو قليل من كثير.
وخالد محيي الدين كتب: إلى أستاذي في الوطنية وأرى في مجهوده فائدة كبرى لكل مصري.
أما فتحي رضوان فكتب إذا ذكر اسم حسن عزت تداعى لذكره في ذهن عارفي مواقفه الشجاعة التي تبلغ حد المجازفة وتحدي المخاطر.
معنى ذلك أن هذا الكتاب النادر أسرار معركة الحرية الذي لم يُطبع سوى مرة واحدة أخذ صك الاعتماد من القيادة السياسية وقتها بكل هذا الكم من الثناء والمديح الذي كتبوه عن حسن عزت وبطولاته وعن محتوى الكتاب !!
فلا يوجد كتاب بعده حظى بمثل تلك المقدمات الكثيرة والتي تجعل أي باحث يأخذ ما فيه مأخذ الجد ويقارنه بما كُتب بعد ذلك.
يبدأ حسن عزت مقدمة الكتاب بتحية محمد نجيب والبغدادي وجمال عبدالناصر ويصفهم بأنهم أحد أسباب نجاح الثورة.
ويحكي كيف تكونت أول خلية من تنظيم الضباط الأحرار عام 1940 وكانت نواتها أربعة أفراد هم:
حسن عزت وعبداللطيف البغدادي ووجيه أباظة وأحمد سعودي.
ثم انضم إليهم أنور السادات فأصبحوا خمسة أفراد ويقول «عزت»، إن البغدادي كان يقول:
اليوم نحن خمسة ولكننا بالتنظيم والمثابرة سنصبح خمسمائة فخمسة آلاف فالقُطر كله وأسندوا لـ البغدادي تنظيم الصفوف ولـ حسن عزت الإدارة والإنتاج والمالية ولـ وجيه أباظة الدعاية ولأحمد سعودي عمليات الإرهاب ولـ السادات واجب الاتصال.
وانضم إليهم فيما بعد خالد محيي الدين، وهكذا تكونت أول نواة لتنظيم الضباط الأحرار كما اعتمدها كل كُتّاب المقدمات السابقة.
وسنرى لاحقا أن كل هذا الكلام قد تغير وبقلم أحد كتاب هذه المقدمات وهو أنور السادات في كتابه «صفحات مجهولة» والصادر عام 1954 بعد عام واحد فقط من صدور كتاب حسن عزت وكتب مقدمته جمال عبدالناصر فقط !!
للمزيد..
في ذكرى ثورة يوليو |محمد نجيب: لو عاد الزمن بي للوراء لأبلغت البوليس عن الثورة!!
نعود لكتاب «أسرار معركة الحرية»، حيث يتحدث حسن عزت عن عمليات قتل وتفجير ونسف دور سينما كان يقوم بها التنظيم ضد قوات الاحتلال الإنجليزي فيقول: كان الهدف الثاني لنا هو عدد من الجنود في مصر الجديدة وكانوا ينتظرون سيارة كبيرة تنقلهم إلى معسكرهم.
وصدرت الأوامر وانطلقت النيران بغزارة من مدفع رشاش فحصدت الجنود البريطانيين حصدا…..”
والهدف الثالث كان الإنجليز يحتلون المعسكر المواجه لمحطة مصر وأخذت العصابة تراقب المعسكر وعلمنا أنهم يتناولون الطعام في تمام الساعة السابعة والنصف… أخرجنا قنبلتين وفي الساعة المحددة أعطى أنور الإشارة وكان يقف على سطح إحدى العمارات وكان الاتفاق أن تعطى الإشارة عندما تمتلئ الصالة بالجنود ويدخل الطعام واختلط الطعام بلحم الجنود، والهدف الرابع سينما يرتادها الإنجليز وذهب رجلان لمشاهدة الفيلم ثم قذفا قنبلتين وشوهدت رؤوس إنجليزية تلتصق بسقف السينما وأذرع وبطون مدلاة من الحوائط، ويتحدث أيضا في الكتاب أنهم استهدفوا عضو مجلس شيوخ وفدي وكان منفذ العملية هنا هو خالد محيي الدين ولكن هذا العضو مرض ولم يبارح منزله ففشلت المهمة ولم تنفذ.
ولا يتحدث عن جمال عبدالناصر إلا بعد حرب 1948 وتأسيسه التنظيم الجديد وقيادته حتى قيام الثورة في 23 يوليو وفي نهاية الكتابة يرسم الفنان رخا عشر لوحات يعبر فيها عن محتوى الكتاب.
يتناقض هذا الكتاب المجهول النادر في محتواه مع كتابين هما صفحات مجهولة والبحث عن الذات وكلا الكتابين تأليف أنور السادات
وكلاهما أيضا تناول نفس الموضوع وهو تنظيم الضباط الأحرار
والكتاب الأول هو صفحات مجهولة، من الكتب التي سحبها السادات من الأسواق بعد توليه السلطة لأن ما به لا يناقض فقط كتاب حسن عزت لكنه يناقض أيضا الكتاب الذي كتبه السادات فيما بعد وهو البحث عن الذات
ففي صفحات مجهولة يقول السادات:
إن جمال عبدالناصر هو الذي أسس التنظيم عام 1940 وإن علاقته بعبدالناصر بدأت قبل ذلك بعامين وإن عبدالناصر رفض الكفاح المسلح
وينفي تماما قيام الأحرار بأي عمليات مسلحة ضد الإنجليز بل ينفي أيضا ضلوعه في قضية أمين عثمان والكتاب به هجوم هائل على الإخوان المسلمين !!
بينما البحث عن الذات والذي كتبه السادات عام 1978 يقول: إنه هو من أسس التنظيم عام 1940 فيما يتناقض مع حسن عزت ومع السادات نفسه في كتابه السابق
وبينما كان عبدالناصر هو رأس الهرم للتنظيم والمحرك الأساسي والقائد في كتاب صفحات مجهولة أصبح السادات هو القائد والمفكر والمؤسس في كتاب البحث عن الذات وأيضا ادعى رفضه لأي محاولات مسلحة ضد الإنجليز وكتب بالنص
إن قتل الإنجليز ليست الطريقة التي تجعلهم يرحلون.
قمت بالبحث عن أي مقال يتحدث عن كتاب حسن عزت أو أي بحث يعتمد على مادته لم أجد سوى خبر من عدة سنوات أن شعبان يوسف تحدث عنه مع بلال فضل في برنامج عصير الكتب عام 2010.
وغير ذلك لا يوجد أي أثر لهذا الكتاب النادر والغريب والذي يبدو أنه أثار اهتماما بالغا وقتها جعل ثماني شخصيات بارزة يكتبون مقدمته وسرعان ما اختفى.
فكتاب بغلاف مهترئ على أرصف سور الأزبكية يمكنه أن ينسف كتبا أخرى أتت بعده معتمدة على ضعف الذاكرة تارة وسطوة السلطات المتتالية تارة أخرى.
للمزيد..