عن نهديات السيدة واو .. محاولة الانفلات من نسق الذكورة
نهديات السيدة واو ونسق الفحولة المزدوج
فتحية دبش، تونس فرنسا
لا أدعي أنني من قراء هذا الكتاب ولا من أصدقاء وفاء بوعتور ولا حتى من متابعيها. قادني الفضول إلى صفحتها ونصوصها حين رأيت بعض منشورات الأصدقاء الفسابكة تندد لا بالأثر فقط بل بالسيدة واو وحتى بريفيو كتبه واحد من نقاد تونس اللامعين.
جبت صفحة السيدة واو وقرأت بعض نهدياتها وتعاليق بعض الكتّاب الذين أعرف والذين لا أعرف وتفاعلات متابعيها إناثا وذكورا كما تسللت إلى منشورات الأصدقاء التي قادتني إلى هذا الاكتشاف وإىى التفاعلات معها.
وحيث أنني لن أتعرض إلى الأثر و المناصات الخارجية نقدا أدبيا فإنني سوف أحاول تقديم وجهة نظر نقدية ثقافية مرتجلة (اكتب على الفايسبوك مباشرة) ذلك أن هذه ال”ظاهرة” وما ترفعه من أسئلة تمثل حقلا خصبا لممارسة التنقيب عن لا وعي الكاتبة ولا وعي القارئ/ة أيضا مقابل وعي النص.
طبعا لا نختلف حول أن النقد الثقافي لا يبحث في الجماليات كما يقول منظروه ولكنه يسعى إلى كشف القبحيات التي تختفي في جلباب الكلمات وتحت حجابها المشدود ب” بروش مذهب” وعن جملة من العيوب التي تندس في لا وعي الكاتب والقارئ معا ويخونها وعي النص فيجعلها تبين للمهتم بل وتستدعيه إلى تخومها للكشف عن هذا النسق المختفي الذي يتناقض كليا مع النسق الظاهر.
نهديات السيدة واو… لو اكتفينا بالمناصات المتمثلة بالعنوان والغلاف ونوع المؤلف (أنثى) لاستخلصنا الآتي:
عنوان متعلق بالنهد مزدوج الوظيفة، رضاعة الكبير ورضاعة الصغير أو هما معا وهو مشغل ايروتيكي ( والايروتيكي يختلف عن البورنو) كتب فيه شعراء قدامى ومحدثون وروائيون سابقون ولاحقون، وبالمجمل مثل النهد مشغلا فنيا تجاوز النص المكتوب إلى النص الشفوي و إلى فنون أخرى.
لعل ذلك يؤكد محاولة الانفلات من نسق الذكورة الذي حكم لا فقط على جسد المرأة بعامة بالاختفاء تحت “عفة” الحجاب عند التقليديين، بل إلى جانب ذلك حكم على النهد بالحصارة عند المحدثين. فكان إخفاؤه عند الأوائل فعلا ذكوريا يروم إلى محوه في الحيز العام والاحتفاء به في الفضاء الحميمي بينما ترفعه الحصارة في فعل ذكوري مضاد للإحتفاء في الحيز العام كما في الحيز الحميمي. في كلتا الحالتين يهيمن النسق الذكوري ويصبح الجسد الأنثوي والنهد بخاصة مثار رغبة ممنوعة أو ممكنة ومحور سؤال وصراع يحاول تغييبه اعترافا بسطوة حضوره، ومن ثمة يتسابق الذكور إلى تغطيته أو كشفه كما تتسابق الإناث إلى ذلك عبر تقديمه من تحت الحجاب صارخا وهي على وعي تام بخطابها المتمرد دون الوعي بخطابها الملغوم. بل تتجاوز السيدة واو كل ذلك لتقدم النهد كلاما وصورة وحتى الحجاب يصبح واحدا من اكسسوارات اللعبة الايروتيكية بما يثيره من سؤال الكشف ومحاولة التخمين والتخييل. فالسيدة واو على وعي تام بما يمثله الحجاب من قيمة اخلاقية ودينية نتفق معها أو نختلف، ولكنها بارتدائها الحجاب فهي تستجيب لنسق الفحولة الذي يمحو الجسد ولكنها بجعل النهد نافرا فهي تتمرد على ذات النسق وتكسره. بينما تحاول السيدة واو ذلك التمرد تعود لتختزل الجسد في النهد فيصبح نصا بقطع النظر عن أدبيته – أكرر أنني لم أقرأ الكتاب- بينما يبقى الجسد بعامة مقام شد بين الفحولة ومحاولة التمرد عليها بفحولة مضادة.
أما الجداريات المنددة والرافضة لهذه النهديات فهي تمثل النسق لمضمر للنسق المضمر الأول الذي كا بصدده. فهذه التفاعلات الرافضة والمنددة والصادرة عن إناث كما عن ذكور تظهر نسق العفة والاخلاق حيث الفحولة قيمة ايجابية تحاول إعادة النهد الشارد المكشوف مجازا إلى الجسد المقموع والمخبوء مجازا ايضا وإرجاع وفاء بوعتور إلى جادة الصواب المجتمعي والأعرافي.
في الحقيقة يكمن وراء هذه الجمالية قبحية هي المقصودة عندي بالنظر. ذلك أن هذا التنديد والعفة تخفي نسقا آخر هو النفاق المجتمعي والأعرافي. وليست كل تلك التنديدات سوى محاولة لرفع الذات مقابل الحط من ذات نص النهديات والنهود وصاحبتها. بل ليس كل ذلك سوى محاولة كبت للذات جديدة ومغالبة التوق إلى التملص من ربقة البشري في الذات القارئة المتفاعلة مع النهديات وتمزقها بين العرف والرغبة وبين الممنوع والمرغوب وبين الخوف والتوق.
نهديات السيدة واو وبعيدا عن أدبية النص من عدمها يمثل تحويلا لقيمة الحجب وتعرية لمضمر الحجب وتفتيتا لكل أصوات الفحولة والنسوية في نفس الوقت. فهي وإن تمردت على الحجب بالكشف عبر الحرف فهي لم تخرج عن مستوى تشييء الجسد وسلعنته كما أن التفاعلات الرافضة لم تخرج بالجسد عن مستوى تشييئه وسلعنته. بحيث أنهما وجهان لعملة واحدة، بينما تسعى الايظيولوجيات النسوية الحقيقية إلى تحرير الجسد من الذكورة لا بكشفه بل من السلعنة والتشييء ليصبح كائنا يتحكم بوجوده اا محكوما به.
وختاما وفي انتظار الاطلاع على هذه النصوص التي قد تفاجئ القارئ/ ة بنصوص مبدعة أو مبتذلة تبقى لهذه النهديات صولة سبق على المنددات والمنددين بكونها عرت نسق الفحولة المزدوج ونسق العفة المنافقة.
….
فتحية دبش
للمزيد..
الصور الشخصية وطاقة الحسد ماذا يحدث عند نشر صورنا على السوشيال ميديا؟! |بارانورمال فرندة
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh