” يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا”.. كيف يصبح الحلم حقيقة ؟

” يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا”.. كيف يصبح الحلم حقيقة ؟

قصة نبي الله يوسف عليه السلام 

” يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا”.. كيف يصبح الحلم حقيقة ؟

 

موعدنا اليوم في منصة فرندة في حلقة جديدة من سلسلة قصص الأنبياء وحكاية سيدنا يوسف عليه السلام .

قصة نبي الله يوسف عليه السلام من القصص العظيمة التي أخبرنا بها الله سبحانه وتعالى في كتابه المنزل على لسان نبيه محمد (صلى الله عليه وسلم).

وهي كما وصفها الله عز وجل أحسن القصص التي تحكي مراحل حياة الإنسان من طفولة وشباب وشيخوخة، وتعرض صورة للنفس البشرية في أطوارها المختلفة.

فجاء في قوله تعالى: “نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ”.

 

تبدأ قصة يوسف عليه السلام بن نبي الله يعقوب بن نبي الله إسحاق بن خليل الله إبراهيم عليه السلام برؤيا عظيمة رأها في صغره بالمنام، وعندما استيقظ رواها على أبيه سيدنا يعقوب عليه السلام، عندها علم أبوه أنه سيكون ذا شأن ومنزلة عالية وأمره ألا يقصها على أخوته كي لا يحقدوا عليه ويكيدوا له.

 

قال الله سبحانه وتعالى:

إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴿4﴾ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ”.

 

ورؤيا يوسف للشمس والقمر والكواكب تتميز بأنها تشتمل على إعجاز عظيم فيوسف قد رأى الشمس والقمر يجتمعان معًا، كما أن يوسف عليه السلام رأى أحد عشر كوكبًا وعرف عددها

ولم يقل رأيتهم ساجدين وإنما قال :”رأيتهم لي ساجدين”، ويعد هذا السجود هو سجود تكريم وليس سجود عبادة، كما اختص الله يوسف عليه السلام بالرسالة والنبوة فعلمه من تأويل الأحاديث وتفسير الرؤى.

 

قال الله عز وجل:

“وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”.

مكيدة الأخوة في قصة نبي الله يوسف

شعر أخوة يوسف عليه السلام بالغيرة والحقد منه ومن أخوه بنيامين لشدة محبة أبيهم لهما وأرادوا أن يبعدوه عن أبيهم، ولكنهم اختلفوا في الطريقة التي يتم بها تحقيق هذا الهدف، فقال أحدهما نقتله، وقال الآخر نطرحه في الصحراء، وقال ثالث نلقيه في الجب يلتقطه بعض السيارة.

 

قال تعالي في كتاب العزيز:

” لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ ﴿7﴾ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴿8﴾ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴿9﴾ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ”.

 

ألقى أخوة يوسف النبي يوسف في البئر وأخذوا قميصه وذبحوا شاه ووضعوا دماءها على قميص يوسف وذهبوا في المساء يبكون إلى أبيهم وادعوا أن الذئب أكل يوسف إلا أن نبي الله يعقوب لم يصدق ذلك واتجه إلى الله بالدعاء بالصبر.

 

قال الله تعالى:

“وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ ﴿16﴾ قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴿17﴾ وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ”.

يوسف عليه السلام ورحلته في مصر

مرت قافلة فأخذوا يوسف عليه السلام من البئر ليبيعوه واشتراه عزيز مصر من القافلة بثمن قليل وعاد إلى زوجته سعيدًا بالطفل الذي اشتراه وطلب من زوجته الاعتناء بيوسف وإكرامه.

 

بلغ يوسف عليه السلام أشده وأصبح شابًا قويًا شديد الجمال وكانت إمرأة العزيز تراقبه يومًا بعد يوم فأحبته، وذات يوم طلبت من سيدنا يوسف أن يقع في الإثم إلا أنه اعتصم بالله فهددته بدخول السجن إذا لم يلبي رغبتها فقال في نفسه أن السجن أفضل من معصية الله الخالق.

قال الله عز وجل:

“قَالَتْ فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ۖ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ۖ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿32﴾ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿33﴾

فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿34﴾ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ”.

يوسف عليه السلام يتعرض لإبتلاء السجن

وظل يوسف عليه السلام في السجن فترة من الزمن وكان الله قد وهبه علم تفسير الرؤى ودخل معه السجن فتيان أحدهما ساقي الملك والآخر يصنع الخبز وأخبراه بحلم فتمكن يوسف عليه السلام بقدرة الله تعالى من تفسير رؤياهما، وقال لساقي الملك اذكرني عند الملك لكن الشيطان أنساه ذلك الأمر فظل يوسف بضع سنين بالسجن.

قال تعالى:

” وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿36﴾ قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴿37﴾ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴿38﴾

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿39﴾ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴿40﴾

يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ۖ وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ ۚ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ﴿41﴾ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ”.

 

رؤيا ملك مصر ونجاة يوسف من السجن

وفي يوم من الأيام نام الملك فرأى في منامه سبع بقرات سمان يأكلهن سبع نحيفات وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات فتعجب الملك من هذه الرؤية وجمع حاشيته وعلماء دولته وقص عليهم حلمه وطلب منهم تفسيرها لكنهم لم ينجحوا في ذلك.

وظلت تلك الرؤيا تلاحق الملك أثناء نومه فأصر على معرفة حقيقتها عندئذ تذكر ساقي الملك طلب يوسف عليه السلام فذهب إليه في السجن وطلب منه تفسير رؤيا الملك ففسرها لهم يوسف وفرح الملك فرحًا شديدًا وطلب الملك إحضار يوسف عليه السلام إليه إلا أن يوسف رفض أن يقابل الملك قبل أن تظهر براءته.

قال الله سبحانه وتعالى:

“وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ ﴿45﴾ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿46﴾

قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴿47﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ ﴿48﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴿49﴾ وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ ۚ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ”.

 

اجتمع الملك بامرأة العزيز ونسوتها فاعترفت امرأة العزيز بذنبها وأظهرت براءة سيدنا يوسف أمام جميع الناس.

قال الله سبحانه وتعالى:

قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ ۚ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ ۚ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ﴿51﴾ ذَٰلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴿52﴾ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ”.

أمر الملك بإخراج سيدنا يوسف عليه السلام من السجن وكافئه وخيره بأن يأخذ من المناصب ما شاء فاختار يوسف أن يكون على خزائن الأرض.

قال الله عز وجل :

“قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴿55﴾ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿56﴾ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿57﴾.

 

لقاء يوسف وأخوته بعد الفراق

بعد مدة من الزمن قابل يوسف أخوته عدا أخوه بنيامين أثناء قدومهم لطلب المتاع والطعام ولكنهم لم يعرفوه فأوفى يوسف عليه السلام المكيال وأكرمهم، ولكنه طلب منهم أن يحضروا له أخوهم الذي من أبيهم في العام القادم، فحاول أخوة يوسف أن يقنعوا أبيهم بالموافقة على إرسال أخاهم الصغير معهم، فرفض يعقوب عليه السلام ولكن بعد إلحاح شديد أذن لهم.

قال الله عز وجل:

“وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴿58﴾ وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴿59﴾ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ ﴿60﴾ قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ ﴿61﴾ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿62﴾

فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿63﴾ قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ ۖ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿64﴾ وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ ۖ قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ هَٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا ۖ وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ ﴿65﴾.

 

أراد يوسف عليه السلام أن يأخذ أخاه الصغير في كنفه فكلف رجاله أن يدسوا مكيال الملك الفضي في متاع أخيه، ولما حملوا أخوة يوسف عائدين لبلادهم استوقفهم الجنود ليبحثوا عن مكيال الملك ثم وجودها في رحل أخيهم وأخذوه، ترجى الأخوة يوسف أن يخلوا سبيل أخيهم ويأخذ أحدهم مكانه لكنه رفض.

 

قال الله تعالى :

“وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴿69﴾ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ﴿70﴾ قَالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ مَاذَا تَفْقِدُونَ ﴿71﴾ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴿72﴾ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ ﴿73﴾ قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ ﴿74﴾ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ۚ كَذَٰلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴿75﴾ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ ۚ كَذَٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ ۖ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ ۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ”.

 

فرجع أخوة يوسف إلى أبيهم وأخبروه أن ابنه سرق إناء الملك ففقد بصره من الحزن الشديد وابيضت عيناه.

قال الله في كتابه المنزل:

” وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴿84﴾ قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ﴿85﴾ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿86﴾ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴿87﴾”.

 

فعاد الأخوة إلى يوسف عندها أخبرهم أنه أخوهم يوسف واعترفوا له بخطئهم فعفا عنهم ودعا أن يغفر الله لهم.

قال الله تعالى:

” فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ﴿88﴾ قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ ﴿89﴾ قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿90﴾ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴿91﴾ قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴿92﴾.

 

رؤيا النبي يوسف تحول إلى حقيقة

أخبروا أخوة يوسف أن أباهم فقد بصره من الحزن فأعطاهم قميصه وطلب منهم أن يلقوا به على وجه أبيه وسيعود سليمًا معافًا، فعادوا إلى أبيهم وبشروه بيوسف عليه السلام وأخرجوا قميص يوسف ووضعوه على وجهه فارتد بصيرًا

ثم قدم يعقوب عليه السلام وزوجته وأبناءه إلى مصر فاجتمع يوسف بأبويه ثم أجلسهم على عرشه وسجد لهم أخوته تكريمًا لهم، وحقق الله سبحانه وتعالى بقدرته رؤيا النبي يوسف عليه السلام.

قال تعالى في كتابه العظيم:

“وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿100﴾ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ”.

للمزيد..

قصص الأنبياء | كيف تلقى سيدنا أدم الكلمات من ربه فتاب عليه ؟

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

قصة نبي الله يوسف
يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا .. قصة نبي الله يوسف
شارك المقالة