خان الخليلي | الأدب ام الوظيفة ؟! د. عاطف معتمد

خان الخليلي | الأدب  ام الوظيفة ؟! د. عاطف معتمد

 

في رواية خان الخليلي التي جرت أحداثها في أربعينيات القرن العشرين في خضم الحرب العالمية الثانية، صاغ نجيب محفوظ بطل روايته رجلا أربعينيا يعمل موظفا في دائرة حكومية.

يظن هذا الرجل في نفسه التميز والذكاء، وأنه كان بوسعه أن يصبح وكيلا للوزارة أو وزيرا، لولا أن حدثا خارجا عن إرادته أطاح بأحلامه، حين اضطر لترك التعليم الجامعي والاكتفاء بالتعليم الثانوي لظروف مالية ألمت بأسرته.

منذ أن ترك التعليم واتجه للوظيفة الحكومية يحاول صاحبنا أن يعوض ضياع حلمه بتثقيف ذاته، واقتناء الكتب، والانكفاء على القراءة الحرة، من دون تعليم وشهادات رسمية، متنقلا بين قطوف العلم والقانون والأدب.

في الحوارات التي يجريها صاحبنا مع نفسه يتذكر أنه قرأ عبارة لابن خلدون يقول فيها:
“سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول فن الأدب وأركانه أربعة دواوين وهي: كتاب الكامل للمبرَّد، وأدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب النوارد لأبي علي القالي البغدادي”.

وبينما أقرأ هذا المشهد تخيلت نفسي مكان بطل رواية محفوظ، وفكرت أنني سأذهب إلى مكتبة في حي القاهرة العتيقة في أربعينيات القرن العشرين لأطالع الكتب الأربعة، لتحسين لغتي في الأدب. واستهللت بكتاب الكامل للمبرد.

ولأني في عام 2022 فقد تجاوزت عن شرط التجوال للبحث عن الكتاب والمكتبات وقمت بتحميله من موقع أرشيف الكتب على الإنترنت، وهالني عدد صفحاته التي تجاوزت 2100 صفحة.

أخذت أقرأ صفة صفحة على مهل، ووجدتني أقف طويلا عند بيت الشعر هذا، أو القول المأثور ذاك، حتى وجدت نفسي في صفحة 88 في مستهل الرحلة الطويلة، وهي مفتتح باب جديد لا عنوان له، ولكنا سنعرف من سياق الصفحات اللاحقة أن الباب في مكارم الأخلاق.

يستهل الباب بحديث يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول فيه:

” ألا أخبركم بشراركم؟: من أكل وحده، ومنع رِفْدَه، وضرب عبده.
ألا أخبركم بشر من ذلكم؟: من لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ولا يغفر ذنبا.
ألا أخبركم بشر من ذلكم؟: من يبغض الناس ويبغضونه”.

شارك المقالة