سر لوحة زهور الخشخاش
رسم الفنان الهولندى هذه اللوحة عام 1887 قبل وفاته منتحرا، بعدها بـ3 أعوام.
ومع أنه عانى من الفقر والمرض طول حياته لكن بعد وفاته أصبحت لوحاته من أغلى اللوحات العالمية ولايقتنيها الا الأثرياء فقط.
سنة 1903 انتهى المطاف بهذه اللوحة التى تعتبر اغلى لوحات فان جوخ فى قصر محمد محمود خليل باشا هاوى الفنون المصرى والذى اصبح فيما بعد رئيس مجلس الشيوخ المصرى والذى اشترت اللوحة كانت زوجته الفرنسية (اميلين هيكتور) من مزاد فى فرنسا بمبلغ يساوى 400 جنيه مصرى وهو مبلع ضخم جدا وقتها لدرجة ان زوجها اصيب بالفزع من ضخامته على الرغم من انه انفق ثروة ضخمة على شراء الاعمال الفنية واقتنائها .
بعد وفاة خليل باشا وزوجته وبموجب وصيته امتلكت الحكومة المصرية قصره وحولته الى متحف بأسم صاحبه وضم بين جدرانه مجموعة متميزة وثمينة من الأعمال الفنية لأشهر الفنانين فى العالم .
فى يونيو سنة 1977 فوجىء الجميع بأختفاء لوحة زهور الخشخاش من المتحف وعلى الرغم من الجهود التى بذلتها اجهزة الأمن المصرية فأنها عجزت على حل لغز السرقة وبعد مرور عام ونصف تم اكتشاف اللغز حين تطوع السارق واسمه (حسن العسال ) الذى كان واحدا من اخطر الهجامين فى القاهرة وقتها وادلى بأعتراف امام العقيد محمد عبد النبى مفتش مباحث العاصمة .
واخبره انه سرقها لحساب احد المرشدين السياحيين نظير الف جنيه وتم القبض على المحرض الذى اعترف وارشد عن مكان اللوحة التى كانت فى حقيبة جلدية عند شقيقه الذى يعمل مدرسا بالكويت .
توجه العقيد محمد عبد النبى الى الكويت للحصول على اللوحة وكان الاتفاق بينه وبين المرشد السياحى المتهم هو ان يحمل شريط تسجيل منه لشقيقه ليسلمه الحقيبة بهدوء ودون ضجة دون ان يعلم انتماء العقيد محمد عبد النبى للشرطة المصرية وكان خبر كشف سارقى اللوحة قد تم اخفائه عن الصحافة وقتها الى ان يتم استلامها ولكن الخطة فشلت لأن ضابط كويتى من اصدقاء العقيد عبد النبى كشف هويته امام شقيق المرشد السياحى وبالطبع رفض تسليمه الحقيبة.
الغريب ان العقيد عبدالنبى عاد من الكويت دون الحصول على اللوحة والاغرب ان اجهزة الشرطة المصرية فى سبيل استرداد اللوحة المسروقة عقدت اتفاق مع المرشد السياحى يقضى بتسليمه اللوحة مع الوعد بحكم مخفف لكنه فى النهاية لم يحاكم وتم اخلاء سبيله.
والذى حدث بموجب اتفاق ثانى ان انتظر اللواء حسين السماحى مدير الأمن العام وقتها صباح احد الايام امام محل (ومبى) بشارع البطل احمدعبدالعزيز بالمهندسين حيث مرت من امامه سيارة مسرعة والقى قائدها له لفافة من ورق الجرائد التقطها فوجد داخلها اللوحة المسروقة وهكذا عادت “زهور الخشخاش” الى مكانها فى قصر محمد محمود خليل باشا واذيع وقتها انه تم العثور عليها بالصدفة فى احد صناديق القمامة .
بعد سنوات كتب الكاتب الكبير الراحل (يوسف ادريس) فى مقاله الاسبوعى بالأهرام يوم 6 يونيو سنة 1988 ان اللوحة التى استردت سنة 1977 هى لوحة مزورة بتقنية وحرفية عالية جدا وان الاصلية بيعت وقتها فى مزاد بلندن ب42 مليون دولار وقامت ضجة فى مصر وتم استدعاء اكبر خبراء الفن فى فرنسا الذين فحصوا اللوحة واقروا جميعا انها لوحة اصلية وغير مقلدة وغير ذلك تم الاتصال بقاعات المزادات الكبرى فى لندن وسؤالها عن هذا الموضوع حيث افادت احداها انها بالفعل باعت احدى لوحات فان جوخ لكنها عن زهور ايريس وهى لوحة صغيرة
هدأ النقاش حول اللوحة لسنوات وتم وضعها فى المتحف الى يوم 23 اغسطس سنة 2010 عندما اكتشف القائمون على المتحف سرقة اللوحة مجددا وتمت السرقة بأسلوب غريب وفى أوقات العمل الرسمية بالمتحف الذى كان يستقبل وقتها 9 من الزائرين الأجانب وقام السارق بقطع اللوحة من الإطار «البرواز» الذى كانت بداخله «بموس أو كتر»وترك السارق الإطار معلقًا على الحائط وأخذ اللوحة التى يقدر ثمنها بـ 55 مليون دولار
وخرج من المتحف فى هدوء تام ليكتشف العاملون بالمتحف أن الإطار الخارجى للوحة معلق على الحائط كما هو بينما اختفت اللوحة وتم تكثيف البحث وبعدها بأيام نشرت الصحف على لسان وزير الثقافة وقتها فاروق حسنى انه تم العثور على اللوحة مع شاب وفتاة فى مطار القاهرة كانا سيهربانها للخارج لكن تم تكذيب الخبر بعد ذلك .
بحثت اجهزة الامن ولم تصل لشىء وتم تقديم بعض المسئولين فى الوزارة والمتحف للمحاكمة بتهمة الاهمال لأنهم اكتشفوا ان من 42 كاميرا فى المتحف لم يكن يعمل الا 7 فقط وان اجهزة الانذار كانت معطلة وان 4 من افراد الامن تركوا اماكنهم لصلاة الظهر وانه لايوجد اى تأمين على اللوحات وان المبلغ المخصص لتطوير وتأمين المتحف تم انفاقه على حملة ترشيح فاروق حسنى لليونسكو وتم الحكم علي بعض الموظفين الكبار بالحبس سنة مع الشغل ولكن لم ترجع اللوحة بعدها ابدا .
بعدها تم عمل غرفة تحكم مركزية تربط كل غرف المراقبة بالمتاحف المصرية تحت اشراف هيئة الامن القومى المصرى
حتى الان لم يصل اى احد الى حقيقة ماحدث ولم تظهر اللوحة فى اى مزاد بالعالم اواى متحف لأن هناك نشرة من الانتربول الدولى عنها يتم تجديدها دوريا .
لكن فى احدى الروايات المصرية التى صدرت سنة 2017 بعنوان “تاهيتى” وهى خيالية يتصور الكاتب (عمرو حسين) ان سرقة اللوحة تمت بخطة وضعتها فنانة تشكيلية ايطالية بالتعاون مع حبيبها الفنان المصرى المعارض للنظام واستغلا تاجر تحف شهير لمساعدتهما واستغلا الاهمال والرشوة لأرتكاب الجريمة.
حدث قبل السرقة ب3 شهو ان طلبت الإذاعة البريطانية «bbc»، تصوير حلقة عن متحف محمد محمود خليل، ومقتنياته، وطلب معدو البرنامج تصوير «ظهر» اللوحات، وهو ما رفضه مسؤولو قطاع الفنون التشكيلية وقتها، لأن تصوير ظهر اللوحة ممنوع قانونًا، حيث تحمل اللوحة على ظهرها جميع المعلومات المتعلقة بها «من رسمها ومتى رسمت وقيمتها الفنية والمادية ومتى تم بيعها وثمنها وأين وكيف وصلت إلى المتحف»، وغير ذلك من المعلومات التاريخية عن اللوحة والتى تعتبر سرية،
وبعد أن رفض مسؤولو المتحف التصوير عاد إليهم أفراد بعثة «bbc»، وقدموا لهم موافقة أمنية رسمية بالسماح لهم بتصوير «ظهر اللوحات»، ومساعدتهم فى الحصول على أية بيانات يطلبونها، وبالفعل قاموا بعملهم وانصرفوا، لتحدث عملية السرقة بعدها بأشهر .
بعد ثورة يناير 2011 وفى موجة الاتهامات التى طالت الجميع وقتها اتهموا اسرة الرئيس مبارك انها وراء عملية السرقة لكن لم يثبت اى شىئ ومازالت اللوحة مختفية
ومن الغريب ان اللوحة اسمها زهور الخشخاش برغم أن الزهور الصفراء التي تملأ الآنية وتشكل قلب اللوحة ليست زهرات الخشخاش الحمراء، وإنما زهور أخرى صفراء اللون من فصيلة المارجريت ويطلق عليها بالعربية اسم زهرة الوزال، ولا يوجد في الآنية إلا زهرتان وحيدتان من نوعية الخشخاش في الركن الأيسر السفلي من اللوحة .