مشايخ إنبوكس !! .. تصوف الظل بين الروح والطريقة | بقلم أحمد السكري

مشايخ إنبوكس !! .. تصوف الظل بين الروح والطريقة | بقلم أحمد السكري

مشايخ إنبوكس !!
تصوف الظل: بين الروح والطريقة

                                             بقلم أحمد السكري

هالني حجم الصدى الذي أحدثه الشيخ المشتاق، المتهم بالتحرش بأحد مريداته، الأمر الذي يعكس بدوره حجم وقيمة التصوف، وواقع التصوف في المجتمع العربي عموما.

فبرغم النمو الكبير الذي يشهده التصوف وما يحمله من رسالة سلام روحانية، إلا أن هذا الانتشار خلق ظاهرة جديدة تعرف بـ “كازينوهات التصوف” !!.

كازينوهات التصوف: انحراف عن الجوهر، وهي تجمعات لـ فتية وفتيات يرتدون السبح في اعناقهم، ويلتفون حول أحد المعممين والمتشحين بالأخضر والأحمر، معتبرينه شيخًا ومرشدًا لهم دون معرفة مدى المامه بقواعد الدين، متخذين من أحد الأماكن الخاصة تجمعاً لهم، وطبعا لا يخلو الأمر من وجود أحد المنشدين بين آونة وأخرى، لذوم اكتمال أوجه “الدروشة” !!

هذه الدوائر تخلط بين علوم التصوف والطاقة، وما يثير القلق هنا هو الافتقار إلى التعمق الديني والانشغال بمواضيع سطحية ومؤثرة اجتماعياً فتتحول الجلسات إلى لقاءات اجتماعية أكثر منها روحانية، وتخلو من المواضيع الدينية، فتجد أن الحديث يتأرجح من بين مناقب “أوشو” وكرامات “الرفاعي” !!

هذه الدوائر والتي تنتسب بهتانا للتصوف مجرد لقاءات اجتماعية تسد احتياجا لدى طبقة بعينها بأنهم في “المعية الروحانية“، لا يهم ضريبة ما يقدم للاستمرار في تلك المعية ولا يهم نوع الشيخ المعمم بالالون الزاهية، فكلما تعددت الألوان كلما ظن المريد أنه يتنقل بين المقامات النورانية !!
“قديما كان الطريق لمن صدق لا لمن سبق والأن في عصر مشايخ الـ فيس بوك، صار الطريق لمن نطق” !!

فكل من استطاع تجميع بعض المفردات المتنافرة في سجع ويلضمها في إطار منمق ومتسق من اللا مفهومية مع حشو بعض مصطلحات مثل الروح والنور والسر

ودمجهم مع مرادفات الشاكرات وتوأم الشعلة، والاسقاط النجمي، مع بعض الأبيات الشعرية لسلاطين الغرام عمر بن الفارض والحلاج، 

فهو بلا شك اصبح لديه اللبنة الأولى ليصير “شيخ أنبوكس” !!

تصوف الفيسبوك
هؤلاء الشيوخ الجدد يتلاعبون بالكلمات، ومنهم من يتبرع ويتطوع بتقديم فتاواه على هواه فتياته وينجح في جذب مطاريد وسط البلد ومثقفي الأزقة وبعض المشاهير الراغبين في التوبة السهلة.

وبالتالي، فإن هؤلاء “شيوخ الأونلاين” يستقطبون المثقفين الذين يبحثون عن التوبة السريعة أو الهاربين من الحياة المادية، مما يُنصبهم في نهاية المطاف “مولانا” في نظر متابعيهم.

في هذا السياق، نرى أن الطرق الحديثة للتصوف تعتمد أكثر على التأثيرات المظهرية والتجمعات، بدلاً من الانغماس في التجربة الروحية الحقيقية. وكأن التصوف تحول إلى وسيلة للترويج الاجتماعي، بدلاً من رحلة فردية نحو الإلهي.
في ظل عالم يموج بالصراعات والمادية، يُصبح التصوف ملاذاً روحياً يملأ الفراغ ويُنير الدروب.
 
فما هو التصوف؟ وما الفرق بين التصوف والطريقة الصوفي؟!
 
التصوف: هو علاقة روحية خاصة بين العبد وربه، يبتعد عن الدروشة والاتكالية، ويسعى للوصول إلى المعرفة الحقيقية لله.
 
الطريقة: هي جماعة دينية تنظم ممارسات التصوف، وتختلف في طقوسها وتعاليمها.
 
التصوف بين الروح والطريقة 
 
التصوف الحقيقي: يرتقي بالإنسان روحياً وأخلاقياً، لا يقتصر على طقوس أو انتماء لطريقة معينة.
الطريقة: قد تُساعد في الوصول إلى المعرفة، لكنها ليست شرطاً ضرورياً للتصوف.
التصوف الحقيقي: لا يُبرر الفقر أو الاستبداد، بل يُقاوم الظلم ويُنشر العدل.
التصوف: ضروري في زمننا الحالي، حيث تزداد الأنانية وتُهمل الروحانيات.

حاجتنا للتصوف  
يُروي ظمأ الروح: يُنير ظلمات النفس ويُطلق طاقة الخير لدى الإنسان.
يُعزز الإيمان: إيمان عميق يذهب إلى اللباب ويُنير الجوهر.
يُرسي قيم أخلاقية: الزهد والمحبة والحدس، تُساعد على بناء مجتمع أفضل.
يُساهم في الحوار بين الأديان: يُركز على المشاعر الإنسانية المشتركة ويُبعد عن الخلافات.
ملامح التصوف
 
الإيمان العميق: الله أقرب إلينا من حبل الوريد، رحمته واسعة، يجب علينا محبته.
التواضع: الكون أوسع مما نتصور، التعاون والتراحم واجب بين البشر.
الإخوة الإنسانية: التسامح والمحبة أساس العلاقات بين البشر.
المشاعر الإنسانية: الحب والكره، الخير والشر، تتشابه لدى جميع البشر.
أركان التصوف: الزهد، المحبة، الحدس، تُساعد على الوصول إلى الحقيقة.
دور التصوف في الحوار بين الأديان
 
التصوف: يمتلك ميراثًا لغويًا غنيًا يُسهل التواصل بين مختلف الثقافات.
تجربة روحية خالصة: تُركز على البحث عن الحقيقة دون التقيد بالاختلافات.
ينطلق من الإلهي إلى الإنساني: يُركز على القيم المشتركة بين الأديان.
يُعزز القيم النبيلة: المحبة والتسامح والرضاء، تُبنى عليها جسور التواصل.
الخلاصة:
التصوف: ضروري لإنقاذ الإنسانية من التردي الأخلاقي والظلم.
التصوف الحقيقي: لا ينحصر في الطرق الصوفية، بل هو رحلة روحية شخصية.
التصوف: يُساهم في بناء مجتمع أفضل قائم على القيم الأخلاقية والإنسانية.

أحمد السكري
صحافي مصري متخصص في الشأن السياسي والبرلماني وله مقالات ومحاضرات تعليمية في فنون الصحافة، كما أن له بعض الإسهامات الأدبية والمقالات الصوفية، وصاحب باب أهل الحب بجريدة الوفد، وحلقات رهبان في محراب العشق ولحن القوافي التي نشرت في موقع دوت مصر.

للمزيد..

مسلسل نصيبي وقسمتك |الفن في رحاب البارانورمال!!

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

مشايخ إنبوكس !!تصوف الظل: بين الروح والطريقة

مشايخ إنبوكس !! .. تصوف الظل: بين الروح والطريقة
مشايخ إنبوكس !! .. تصوف الظل: بين الروح والطريقة
شارك المقالة