رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال
رواية مسلسلة مليئة بالغموض والإثارة
الفصل الخامس
” سانتوريني “
قدْ يفقدُ المرءُ ولدَهُ أو زوجته أو حتى والديه ، ولكنه يظلُّ حيًّا ولكن إذا فقد نفسه فكأنه ميتٌ يمشي على الأرض ، ويكون تائهًا وعقله مُشتَّتًا طوال الوقت ، إن الإنسانَ الذى يجمع بين لينِ القلبِ وهيبة الحضور لذو حظٍّ عظيم .
هكذا كانا هما “كريم وولده ” ولكن من سوءِ حظهما الافتراق ، لأنه كما هو صعب على الوالد فهو أصعب وأصعب على الولد.
لا أدرى كيف أُكْمِل هذه القصة ، دائمًا أتردد في كيفية بدأ هذا الجزء خصيصًا ، حيث يفقد كل ما يملك ولا يبقى له سوى عقله الذكي ليتجاوز به هذه المحنة المُوجعة .
للمزيد..
مكتبة فرندة | شفرة دافنشي.. رواية خارج النص pdf
كان الظلامُ يَعمُّ المكان وكذلك الصمت ، نظرَ من حوله في جميع الاتجاهات فإذا بالظلامِ الدامسِ يَلُفُّ الأرجاء ، لا يوجد قمرٌ ولا ضوءٌ منبعثٌ من قنديل فكان كالليلِ الدَيْجُور .
رأى يدًا تمتد إليه وصوت ملئ بالعطف والإشفاق يقول : ” انهض يا بُنيّ ” ، فأحس بالطمأنينة قليلًا بعدما كادَ الخوفُ أنْ ينهشَ عقله ، فقام من مكانه ثم قال : ” من أنت ؟ وما هذا المكان ؟ وأين والدي ؟ ” قال السؤال الأخير وعيناه تدمع فربَّت على كتفه وقال : ” لا تخف يا بني ، اهدأ وسأقول لك ما تريد معرفته ” ، ثم أردف قائلًا : ” اسمي موسى وأنا حارسُ هذا المكان منذ زمنٍ طويل ، ما اسمك يا ولدي ” رد الفتى الصغير : ” اسمي فهد وأنا ……… ” قاطعه موسى قائلًا ” أحقًّا اسمك فهد ؟ “
– أجل ، هذا اسمي ، ما سرُّ هذا التعقيب ؟
– لا ….. لا شيء ، فقد أتأكدُ من ذلك أنى سمعته صحيحًا
قالها وهو يخفي تعابير وجهه
– وما هذا المكان يا موسى ……… أقصد يا سَيِّد موسى ؟
– قل لي موسى فقط من فضلك ، فأنا لا أحبُّ إلصاقَ اسمي بأي لقب .
– لكنك أكبر منى وهذا واجب ……..
قاطعه موسى قائلًا :
– أرجوك يا فهد ، لا تقل لي سوى موسى .
– حسنًا ،كما تريد يا موسى .
ابتسم موسى فظهرت أسنانه البيضاء مُصْطَفَّةٌ كأنها تُلقي السلامَ على فهد ثم قال : ” أنت يا فهد الآن في ما أحب أنْ أُسَمِّيه منزلي “
قالها وهو يَبْسُطُ ذراعيه ويدورُ حولَ نفسه دورة كاملة .
ثم أردف :
– أنا أعيشُ هنا منذ زمنٍ وحيدًا وكان قديمًا معي شخصٌ عزيز ، ولكن انقطعَ عن المكان لسببٍ ما ومنذ ذهابه والمكان هكذا ، ظلامٌ في ظلام .
– وما علاقةُ هذا الشخص بظلامِ المكان ؟ ألسنا ليلًا وسيصبح الصُبْحُ قريبًا ؟ ومن هذا الشخصُ على أيِّ حال ؟
لقراءة الجزء السادس
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء السادس) |مكتبة فرندة
لقراءة الجزء الخامس
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الخامس) |مكتبة فرندة
– لا يا فهد ، المكان مظلم هكذا منذ انقطاعه ولكنه كان جميلًا وساحرًا في الماضي ، الشمسُ بازغةٌ وساطعة ، اللون الأبيض يلف المكان فتنعكس أشعةُ الشمس عليه مكونةً منظرًا لا يَمِلُّ الناظرُ منه أبدًا .
– كنت على وشك سؤالك عن هذا يا موسى ولقد سبقتني بالإجابة .
– بالطبع سبقتك فأنا قارئ للأفكار وضحك وهو يرفع رأسه متظاهرًا بالشموخ .
ضحك فهد عاليًا ثم صمت فجأة وقال ” نحن لسنا في مكان مغلق ، أليس كذلك ؟ ”
– لا بالطبع ولكن لماذا تسأل ؟
– لم اسمع أي صدى لصوتي ولو حتي قليلًا فهذا يدل علي انعدامِ وجودِ غرفٍ أو كهوفٍ قريبة .
رفع موسى حاجبيه في تَعَجُبٍ فقال : ” يبدو أنك ذكي يا ولد ، لابد أنك كنت متفوقًا في دراستك ” ، نَكَسَ فهد رأسه حزنًا ثم قال : ” للأسف لم أدخل مدرسة من الأساس لكن والدى كان يعلمني في المنزل كل شيء ”
رفع موسى رأس فهد بسبابته وإبهامه ثم قال : ” ولماذا أنت حزين ؟ لقد أحسن تعليمك يا فهد ، انظر إلي نفسك ، إن والدك عبقري لأنه استطاع ان يجعلك هكذا من مجرد التعليم المنزلي “
– ” شكرًا يا سيدي ”
قالها وهو يبتسم فردَّ موسى :
– ألم اقل لك قل موسى فقط ؟
– يبدو أنني لن استطيع فعل هذا يا سيدي .
قالها فهد وهو يحكُّ مؤخرة رأسه ضاحكًا .
– حسنًا حسنًا ، قلها يا فهد فلها وَقْعٌ طريف في أذني
ثم أردف موسى مبتسمًا :
– يبدو أنَّك عنيدٌ يا فتى ، لنمشي قليلًا يا فهد ، هلا فعلنا ؟
– بالطبع أريد ذلك فبدأت أحسُّ بتَسَمُّرِ قدمي أرضًا ، ولكن لدي بعض الأسئلة .
– سل ما شئت يا فتى .
– من هذا الشخص الذي تحدثتَ عنه ؟
وكيف وصلتَ إلى هنا ؟ ، وكيف وصلتُ أنا إلى هنا ؟ ، وكيف………
أوقفه موسى ضاحكًا من سرعة نُطْقِه للكلام ثم قال :
– مهلك مهلك ، كلُّ سؤالٍ بدوره ، أتعلم شيئًا ! ستكتشف الإجابة بنفسك ، لا أستطيع إخبارك ولكنِّي متأكدٌ من قدرتك على معرفةِ كلِّ هذا
ثم وضعَ يده على كتفِ فهد وقال :
– كلُّ ما استطيع إخبارك به الآن هو أنك في موقفٍ صعب ، ويحتاجك أنْ تستخدمَ كلَّ ذرةِ تفكيرٍ في عقلك كي تتجاوزَ هذا ، وبعدما ينتهي الأمر ستفهم أمورًا كثيرة جدًا ، أعلمُ أنك صغيرٌ على هذا الكلام ، ولكننا نثق بك .
ثم أردف مُبيِّنًا ملامحَ الجِدِّيَّةِ على وجهه :
– كُنُ على طبيعتك يا فهد ولكن دعْ عقلك يُنظِّم طبيعتك وطبعك ليجعلهما في صالحك ، وتحكمُ على الناس من خلالهما ، والآن يجبُ أنْ نذهب فإن قنديلي على وشك الانطفاء .
ذهبا ومشيا معًا حتى ابتلعهما الظلام .
في البدايةِ كنت اراقب ” فهد ” و ارى تصرفاته الطفولية مع والده ، وكان في بعض الأحيان يفعل أفاعيل تدل على ذكاءه وحُسن تصرفه ، لكني كنت أظن براءته هي ما وراء ذلك ، لكن ما رأيته بعيني وما فعله مع موسى أكَّد لي أنه ليس بفتى عادي ، بل بداخله أشياء دفينة ستظهر وستبهره هو شخصيًّا وكلَّ مَنْ معه .
لمتابعة الجزء الثامن من رواية سانتوريني :
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثامن) |مكتبة فرندة
لقراءة رواية سانتوريني ومعرفة أحداثها من البداية :
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 |مكتبة فرندة
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh