الإمام محمد ماضي أبو العزائم | الجهاد بالكلمة في وجه سلطان جائر
بمناسبة مولده : الدور الجهادى للإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم بمصر والعالم الإسلامى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحتفي موقع فرندة بذكرى مولد الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبى العزائم مؤسس الطريقة العزمية الذي كانت حياته حياة جهاد من أجل دينه وأمته، فلم يرهب صاحب سلطة، و لم يخش ذا سلطان، و لم يخف من حاكم مستبد أو ملك ظالم.
لقد و قف الإمام فى وجه الطغاة والطغيان فى مصر والبلاد العربية والإسلامية .. بل فى وجه الاستعمار الانجليزى بكل سطوته وجبروته.
لقد تصدى للملك فؤاد، وواجه اللورد كرومر، وتصدى لرسل باشا حكمدار الأمن الأنجليزى، وواجه مستر وينجت الحاكم الإنجليزى بالسودان.
بعض ملامح هذا الدور الجهادى للإمام المجدد أبى العزائم:
الإمام المجدد أبو العزائم يتحدى اللورد كرومر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ارتبط اسم اللورد كرومر الحاكم الإنجليزى بمصر بحادثة دنشواي.
حين أصدر أوامره بنصب المشانق للفلاحين المصريين الذين وقفوا ضد جنود بريطانيا العظمة.
وطبقت أحكام القتل بالشنق على أهل دنشواى بلا رحمة و لا شفقة .. بأوامر صارمة من اللورد كرومر.
ووقف مصطفى كامل يفضح أساليب بريطانيا و اللورد كرومر فى صحف العالم.
ورغم تواجد الإمام المجدد بالسودان وقتئذ لتدريس علوم الشريعة الإسلامية يغردون،إلا أنه اتصل، بمصطفى كامل، ومحمد فريد، وعبد العزيز جاويش، لتدعيم موقفهم ضد الإنجليز و كرومر.
وعاب الإمام المجدد على الهلباوى موقفه موقف المدعى من أبناء مصر الشرفاء، و تملقه للإنجليز.
ولم يرهبه طغيان كرومر، فأرسل الإمام المجدد إليه برسالة شديدة اللهجة يدعو الله فيها لينصر الفقراء أبناء مصر الشرفاء، و يتوعد كرومر بنقمة من الله و ها هى بعض أبيات هذه الرسالة (القصيدة):
إليك أمرى يا مولاى أرفعه والعبد يسأل بالإخلاص مولاه
أنت الغيور على الفقراء تنصرهم ومن أتى ضارعا لله إغناه
يا سيدى غارة من سوط نقمتكم على من يرد ذلهم والناصر الله
طغى علينا بما قد نال من نعم من زينة العرض الفانى ومبناه
وليس للفقرا غوث يغيثهمو إذا رموا غير قولى حسبى الله
ثم أشار إلى كرومر قائلا :
فأسرعى فى دمارهمو بكارثة ترمى “عميدهمو” فالبغى أعماه
وتحققت دعوة الإمام رضى الله عنه ، وفضح كرومر عميد الطغيان، و أقصى عن مصر، وذهب إلى غير رجعة كما تنبأ الإمام المجدد.
دور الإمام المجدد فى ثورة 1919 ومواجهة حكمدار الأمن الإنجليزى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان منزل الإمام بمصر مقصد وفود الأمم الإسلامية من مختلف الأجناس، ومحط أنظار سفراء الممالك الإسلامية وعظماء مصر ، فكان قدس الله سره يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أيًا كان.
وكان منزله تحت الرقابة الشديدة من قبل الإنجليز ورجال السلطة المصرية.
وكان الإمام إذا عمل احتفالاً دينيًا لمناسبة معينة تتطلب تجمعات بشرية.
فقد كانت القوات البريطانية تقوم بالتفتيش المستمر فى هذا اليوم لجميع أنحاء المنزل بحثًا عن وجود أسلحة أو منشورات أو أشخاص مشتبه فيهم أو خلافه.
وقد كان دور الإمام المجدد السيد محمد ماضى أبو العزائم (قدس الله سره) فى ثورة 1919 م خطيرا، فكان الإمام يلتقى بالمفكرين والأدباء والزعماء السياسيين ومن بينهم سعد زغلول.
وكان الرجال يجتمعون مع الإمام بعيدا عن الأضواء ثم نقلوا اجتماعاتهم فى النادى الذى عُرف فيما بعد باسم (النادى السعدى).
كان من بينهم محمد محمود باشا، وعبد العزيز باشا فهمى، وإسماعيل باشا صدقى، وعلى باشا ماهر، ومحمود فهمى النقراشى باشا، والغرابلى باشا وغيرهم من رجالات 1919.
ولما ذهب سعد زغلول وصحبه إلى دار الحماية عقب مؤتمر الصلح فى باريس عام 1918 ليطالبوا بحقوق شعب مصر فى الحرية والاستقلال وطالبهم المندوب السامى بإبراز ما يثبت توكيلهم عن الأمة.
عاد على باشا شعراوى وحمد باشا الباسل إلى مصر وطلبوا من الإمام أن يجمع لهم توقيعات أحبابه ومريديه.
فاستمهلهم أسبوعًا ليكون عندهم عشرات الألوف من العرائض الموقع عليها من المواطنين بعناوينهم.
وقد برزت مقالاته التى نشرت فى جريدة الأخبار ومجلة السعادة الأبدية أنذاك والتى كانت تندد بالإنجليز فى ذلك الوقت لها أعظم الأثر فى بث الروح الوطنية والحث على مواجهة المستعمر.
كما وضع الإمام مطبعته التى كانت تسمى المدينة المنورة تحت تصرف سعد زغلول ورفاقه وتطبع لهم المنشورات السرية وهى ما أسماها الثوار بمطابع “اليد السوداء” التى كان يتعقبها الإنجليز فى كل مكان.
ولما قامت ثورة 1919 م كان الإمام المجدد من أوائل الذين قبضت عليهم السلطات البريطانية وأودع السجن فى محاولة منها لوأد هذه الثورة فى مهدها.
وكان معه ولده الأكبر السيد أحمد محمد ماضى أبو العزائم الذى كان ملازمًا لوالده ملازمة كاملة يشاركه نضاله ويشد أزره وينظم له برامج تنقلاته ويرعى شئونه الشخصية وينشر دعوته ويردد عنه أفكاره ومبادئه.
وقد كان الإمام فى السجن كما كان خارجه ، فلم يلبث إلا أن صار مجتمع السجن كله- مساجين وحراسًا وضباطًا- من أتباعه والمتحمسين لدعوته ومبادئه.
وانتقلت أنباء النشاط العزمي إلى مسامع طغاة الإحتلال البريطانى، فذهب أحد طواغيتهم ليتحقق من واقع الأمور بنفسه.
وكان هذا الطاغوت هو رسل باشا الذى يشغل حكمدار القاهرة.
فرأى أن جميع المسجونين ومعهم جميع جنود الحراسة بالسجن ومن بينهم ضباطهم قد اكتظ بهم الفناء الأكبر للسجن صفوفًا يؤدون الصلاة خلف الإمام المجدد الذى ختم الصلاة وانبرى إلى المأمومين يدعو بأن يخلص الله الوطن من الاستعمار اللعين وأعوانه، والمصلون من خلفه يُؤَمِّنون.
مما جعل رسل باشا يرتعب مما أدى به أن يكتشف أن هذا الإمام فى سجنه يشكل خطورة أكبر من خطورته خارجه، فأمر بالإفراج عنه مع ابنه فورًا.
فخرج يستأنف سعيه ونشاطه حتى انتهت ثورة 1919، ثم اتسع أمامه مجال الدعوة إلى الله تعالى فأسس مجلة ( المدينة المنورة) – التى بدأ صدورها عام 1920م. واستمرت لسنوات طوال بعد انتقاله إلى جوار ربه- حاملة لواء العلم الصحيح، ينشر بها الدين وتعاليمه وأخبار الصحابة فى هذا العصر المظلم.
رسالة الإمام المجدد للملك فؤاد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(أبو العزائم لا يحب أن يراك) !!
تلك الرسالة كانت موجهة من الإمام المجدد أبى العزائم إلى الملك فؤاد .. نقلها إليه رئيس الديوان الملكى حسن باشا نشأت.
وقصة هذه الرسالة .. أنه بعد إلغاء كمال أتاتورك للخلافة الإسلامية فى 2 مارس 1924 م كان الإمام أبو العزائم صاحب المبادرة الأولى فى العالم الإسلامى لبحث أمر إلغاء الخلافة، ومحاولة إعادتها، حيث دعا زعماء الأمة فى داره بالقاهرة فى 20 مارس 1924 م لبحث أمر الخلافة.
وانتخب الإمام رئيسا لجماعة الخلافة الإسلامية بوادى النيل ( مصر والسودان ).
وبدأ فى مراسله كافة زعماء وعلماء الأمة الإسلامية لعقد مؤتمر قمة إسلامى لبحث إعادة الخلافة الإسلامية، والذى عقد فعلا فى مكة المكرمة عام 1926 م وحضره الإمام المجدد أبو العزائم نائبا عن شعب وادى النيل.
كل تلك الجهود أثارت الغيرة والحسد فى قلب الملك فؤاد، الذى كان يطمع أن يكون خليفة المسلمين.
فجند جنوده من علماء السلطة للدعوة إلى تنصيبه خليفة للمسلمين، وحاول الملك فؤاد استمالة الإمام المجدد أبى العزائم.
فأرسل إليه رئيس الديوان الملكى حسن باشا نشأت ليقول له : إن الملك فؤاد يحب أن يراك، فرد عليه الإمام المجدد قائلا : يا حسن .. قل لفؤاد : إن أبا العزائم لا يحب أن يراك .
ثم قال الإمام المجدد كلمته الخالدة عن فؤاد وأمثاله من أمراء السوء : إن قوما فقدوا الإسلام فى أنفسهم وبيوتهم و شئونهم الخاصة والعامة، لأعجز أن يفيضوه على غيرهم، وفاقد الشىء لا يعطيه.
الإمام المجدد فى مواجهة الحاكم الإنجليزى بالسودان :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استطاع” مستر وينجت ” الحاكم العام الإنجليزى بالسودان أن يجند بعض علماء السلطة لخدمة الإنجليز بالسودان، و الدعوة لطاعتهم، بحجة أنهم أولو الأمر.
حيث رددوا أن طاعة الإنجليز واجبة بنص القرآن :﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ ﴾فكانوا يرددون تلك الآية، ثم يقفون عند كلمة ﴿ وَأُوْلِي الأَمْرِ﴾.
وانتشرت هذه الأفكار الخبيثة بين مسلمى السودان،وهنا انبرى الإمام المجدد أبو العزائم لتوضيح الأمر لأهل السودان.
فألقى خطبة فى الجامع الكبير بالخرطوم، مبينا أن الذين قالوا ذلك من علماء السلطة خانوا دينهم كالذين قالوا : ﴿لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ ﴾ ولم يقولوا : ﴿ وَأَنتُمْ سُكَارَى ﴾ فالقرآن يقول : ﴿وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ أى : ( منكم ) أيها المسلمون، وليس من الإنجليز .
واستدعى مستر وينجت الإمام المجدد أبا العزائم بدعوى أنه يحرض أهل السودان ضد الإنجليز، ودار بينهما نقاش، انتهى بسؤال من الإمام المجدد أبى العزائم للحاكم الإنجليزى نصه : اتكتب ضد الإنجليز ؟ فقال الحاكم الإنجليزى: كيف هذا وأنا رجل متعلم، فرد عليه الإمام المجدد قائلا : إذن كيف تطلب منى أن أكتب ضد وطنى وأنا معلم ؟.
ووصلت المواجهة بين الإمام المجدد والحاكم الإنجليزى أقصاها .. فأمر الحاكم الإنجليزى بإقصاء الإمام المجدد عن التدريس بجامعة غوردون فى أغسطس عام 1915 م و عودته إلى مصر.
جهاده ضد الاستعمار فى العالم الإسلامى :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصدى الإمام أبو العزائم للاحتلال الإنجليزى بالمؤتمرات التى كان يعقدها مع زعماء الأمة فى داره، وبالمقالات التى كان يكتبها فى المجلات التى كان يصدرها.
وهى مجلة (السعادة الأبدية) ومجلة (الفاتح ) ومجلة (المدينة المنورة) مما دفع سلطات الاحتلال الإنجليزى إلى اعتقاله أكثر من مرة مع ابنه الأكبر السيد أحمد ماضى أبى العزائم.
وعندما قامت الثورت فى أرجاء العالم العربى والإسلامى بعد والمسلمين فقام رضي الله عنه بتأييد ثورة تونس سنة 1908 م بقيادة الحرب العالمية الأولى كانت يد الاستعمار تعمل لتحطيم قوى الإسلام الزعيمان على باشا حمية وعبد العزيز الثعالبى.
واجتمع بثوار الهند محمد على جناح و محمد إقبال وشوكت على ومحمد على والشيخ القرشى، وطالبهم بتكوين دولة إسلامة.
كما التقى بالزعيم الشريف السنوسى قائد ثورة طرابلس ضد قوى الاحتلال الإيطالى وذلك فى عام 1911.
وفى عام 1912 م تكونت جمعية دينية إسلامية فى جاكرتا بأندونيسيا فاتصل الإمام أبو العزائم بزعمائها حيث التقى بهم الإمام فى موسم الحج عام 1912 م وكان لهذا اللقاء أثره حين عودتهم إلى بلادهم .
وفى عام 1918 م قامت ثورة الجزائر فكان يغذى الثورة بعلومه وندواته وصحافته، فتكونت جمعية علماء المسلمين بالجزائر.
وكان السيد أحمد توفيق المدنى زميل الإمام بالأزهر الشريف من أبرز العاملين بهذه الجمعية، وفى عام 1920 انتصر الزعيم الإسلامى عبد الكريم الخطابى فى المغرب العربي.
وألف حكومة إسلامية وطنية تقدمية، ولكن أسبانيا وفرنسا عاودتا مهاجمته ثم اضطر بفعل الخيانة إلى الاستسلام فنفته فرنسا مع أسرته.
وقد جعل الإمام محمد ماضي أبو العزائم من داره مثابة للاجئين من المغرب، كما جعل مجلاته ميدانا ينشر فيه انتصارات الثوة ويدعو لتأييدها وتشجيعها.
وفى عام 1924 م قام الضباط الوطنيون بالسودان بثورة مسلحة ضد الإدارة الاستعمارية.
وكان قائد الثورة على عبد اللطيف تلميذا للإمام أبى العزائم منذ حداثة سنة.
كما كان زملاؤه كلهم ممن تخرجوا على يديه فى كلية غردون وفى مقدمتهم حسن فضل المولى وثابت عبد الرحيم وعبد الفضيل ألماظ.
وفى عام 1936 م أعلن ثوار فلسطين ثورتهم الكبرى على الصهيونية، وكان الإمام أبو العزائم يبعث للثوار ويلتقى بهم فى داره وفى مواسم الحج، وينبههم إلى مواطن الضعف بينهم فكان وكأنه معهم بأرض المعركة.
الإمام المجدد يتوعد موسولينى ويحذر ملك بريطانيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حين رأى الإمام محمد ماضي أبو العزائم ما تفعله إيطاليا فى ليبيا، وحين عاين وحشية موسولينى الجزار الإيطالى، وكذلك ما يفعله الإنجليز ببلاد المسلمين.
أملى الإمام المجدد قصيدة موجهة إلى موسولينى “وحش روما” يحذره ويتوعده ويتنبأ بموته ” كالثوب ينشر ” وفى ذات القصيدة حذر جورج الخامس ملك بريطانيا، وتنبأ بزوال ملك بريطانيا العظمى.
وكانت تلك القصيدة فى 10 رجب 1356 هـ الموافق 16/ 9/ 1937 م حيث قال
فيها :
يا وحش روما تأدب فلست كسرى و قيصر
وطعنه القهر تأتى وأنت كالثوب تنشر
ومات موسولينى بالطريقة التى تنبأ بها الإمام المجدد ، ثم حذر ملك بريطانيا قائلا :
كبير لندن فاحذر فالله ربك أكبر
وطعنه القهر تأتى من حيث لا تتصور
للمزيد..
بقصيدة “على قدري أصوغ لك المديح” الشيخ احمد التوني يطرب جمهور التاسعة مساء
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh