في سنة 1971، قرر شاه إيران الاحتفال بمرور 2500 عام على تأسيس الأمبراطورية الإيرانية.
وأقيمت حفلة فاقت تكاليفها كل التخيلات من مأكل ومشرب واستضافة لملوك وزعماء العالم الذين وجهت لهم دعوة حضور الحفل.
تمثلت قائمة المدعوين في رؤساء وزعماء وملوك 65 دولة حول العالم، وكذلك أباطرة، وملوك وملكات، وأمراء وأميرات، وشيوخ، وسلاطين، ورجال أعمال من مختلف الجنسيات والثقافات والأعراق من 5 قارات مختلفة.
وقرر إقامة الاحتفال وسط الصحراء الإيرانية بعد إعادة تشييدها وإعمارها بتكلفة أدت إلى انتهاء الإمبراطورية الإيرانية برمتها ومحوها من الحكم.
كانت تلك الحفلة أخر مسمار في نعش الإمبراطورية بسبب البذخ والترف الذي ظهر للشعب وقتها حيث كانت غيران في ستينات الألفية المنصرمة تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي والذي كانت بيده كل صلاحية إيران.
كما كان يعد محمد رضا بهلوي أحد اثرياء العالم وله السلطة المطلقة في الحكومة.
قبل 17 سنة من إقامة الحفل، قام الشاه الإيراني بعزل ونفي وزيره الأول الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة وسط الشعب، وذلك في انقلاب تم تنظيمه بشكل أساسي والتخطيط له من قبل القوى الأمريكية والبريطانية التي كانت لها مصالح عظيمة في البلد والمنطقة، وذلك أن الشاه كان يؤمن بأن شعبية وسلطة رئيس الوزراء هذا صارت تتعاظم وتكبر يوما بعد يوم، مما شكل تهديدا في وجهه.
لم يكن الشاه قد عرف شيئا عدا الرفاهية والحياة الرغيدة خلال حياته بحكم كونه ابن ملك، فقد زاول دراسته في سويسرا وكان معجبا كثيرا بالثقافة الغربية والحياة العصرية. ادعى أنه كان يرغب في تحويل إيران إلى دولة أكثر عصرنة وتمدنًا وجعلها مجتمعا حرا من خلال تمكين النساء فيها وتحسين مستوى معيشة الفقراء، غير أن هذا يعتبر لدى الكثيرين مجرد بروباغاندا وحملة دعائية سياسية وواجهة لا أكثر، ذلك أنه على الجانب الآخر من هذه الصورة، كان يحظر حرية التعبير ويعاقب كل صوت معارض لحكمه، ولم تكن البلاد تعرف أي حريات مدنية، حيث كان لحكم الشاه أكبر عدد من المساجين السياسيين ومعتقلي الرأي كما عرفت الدولة خلال فترة حكمه أكبر عدد عمليات إعدام في العالم.
كانت له شرطة سرية تعتقل الناس وتختطفهم وتغتالهم متى شاءت. وعلى الرغم من أن إيران كانت دولة غنية بالنفط، فإن الظروف الاقتصادية-الاجتماعية كانت سيئة للغاية، حيث كان تقريبا نصف تعداد السكان يعيش تحت خط الفقر، وكانت معظم المدن تفتقر للهيكلة والبنى التحتية، كما كانت المناطق الريفية تعاني نقصا فادحا في الموارد المائية، والمنشآت الطبية، والمؤسسات التعليمية.
كانت إيران في حاجة لبعض التعديلات الأساسية والقاعدية من أجل رفع مستوى المعايير قليلا وتحسين معيشة الشعب لكن دماغ الشاه كان مشغولا بأمر آخر.
التخطيط للحفل:
في أحد الأيام، خطرت في بال الشاه فكرة أنه يجب عليه دعوة نخبة قادة العالم، من أباطرة ورؤساء وملوك وشيوخ، إلى إيران من أجل إقامة حفل حصري وغاية في الترف. كان الشاه يؤمن بأن هذا الحدث الحصري الذي سيستمر لعدة أيام سيعمل على تجميل صورة إيران العالمية، فقد كانت هذه الحفلة لتظهر للعالم مدى جمال وروعة البلد، وكيف أنه سيستعيد بريق أمجاده الضائعة في الماضي، ويستعيد معه قوته كبلد قوي وقوة إقليمية ودولية، تماما مثل أسطورة طائر العنقاء الذي يعود للحياة من رماده.
كما أن الفرصة كانت سانحة والمناسبة لن تكون أفضل من الاحتفال بمرور 2500 عام بالتمام والكمال على تأسيس الإمبراطورية الفارسية ذات العظمة والأمجاد التاريخية على يد قورش الكبير. رأى الشاه في هذه المناسبة كذلك فرصة ذهبية ليعطي لنفسه صورة قورش إيران الجديد، والشخص الذي سيساعد البلد على الانضمام لنخبة الأمم.
تم وضع لجنة تنظيم خاصة بهذه الحفلة على جناح السرعة، وأرسلت الدعوات إلى المدعوين من حول العالم، وبدأت التحضيرات لهذا الحدث قبل أكثر من سنة على موعده. كانت أكبر العراقيل في وجه تحقيق حلم الشاه هذا هو أن البلد كان يفتقر للبنية التحتية المطلوبة لاستضافة حدث بهذا الحجم، حيث لم تكن إيران تحوز على فنادق فخمة أو قلاع فاخرة لوضع ضيوفها من نخبة قادة العالم فيها، لذا بعد التفكير مليا والخوض في عدة خيارات مختلفة، استقر رأي الشاه على الصحراء: بالتحديد تلك الأراضي القاحلة الجرداء التي تحيط بمدينة تخت جمشيد Persepolis –أو بيرسيبوليس– الأثرية القديمة.
تقرّر بناء حيّ ملكي في تلك الصحراء باستخدام الخيم، لكن تعين في البادئ تحويل تلك الصحاري إلى ”غابة“، لذا تم استيراد عدد هائل من الأشجار يترواح بحوالي 15 ألف شجرة، ونفس العدد من النباتات المزهرة من أجل زرعها في الموقع لأجل الحدث.
كانت إيران في تلك الأزمنة تعاني من شح في مياه الشرب والسقي، لذا كان غرس الكثير والكثير من الأشجار والنباتات في عرض الصحراء لأجل حدث لا يتعدى 3 أيام يعتبر بدون شك فكرة غبية، لكن الشاه كان يرغب في منح ضيوفه تجربة خارجة عن المألوف، وبما أنه صاحب السلطة المطلقة، كان على البقية الإذعان بطبيعة الحال.
تم حفر حوالي 4 هكتارات من الأراضي الصالحة للزراعة ونقلها إلى الموقع حتى يتمكن (جورج تريفو)، وهو خبير أزهار مشهور في (فيرساي)، من وضع حديقة معطرة بأنواع مختلفة من الأزهار والنباتات العطرة.
كانت هذه الصحراء على مر السنوات مرتعا للثعابين السامة والعقارب التي قد تعني لسعة منها الموت، لذا من أجل توفير السلامة الضرورية لضيوفه من رفعة القوم، أمر الشاه الإيراني بالتخلص منها، فتم رش المبيدات الكيميائية على مساحة حوالي 30 كيلومتر مربع، وتم صيد وإزالة ما حجمه شحنة شاحنة كبيرة من الزواحف السامة، حتى أنه في خضم هذه العملية اكتُشفت الكثير من الأنواع الجديدة من الزواحف التي أرسل بها إلى الجامعات لأغراض بحثية.
من أجل جعل هذه الغابة الاصطناعية الجديدة مأهولة، استورد الشاه 50 ألف من الطيور المغردة من أوروبا وأطلق سراحها في الموقع، كما تم جلب حوالي 20 ألف عصفور دوري من إسبانيا، والتي مات معظمها في غضون أيام قليلة بسبب الطبيعة القاسية والجافة للمنطقة وحرارتها المرتفعة التي تصل في المساء إلى 40 درجة مئوية وتنحدر فجأة ليلا لما دون الصفر.
كما قام الشاه كذلك بتشييد ملعب غولف في الصحراء بكامل التجهيزات، وعادة في حدث مثل هذا، قد تتوقع أن ترى بعض الفنانين المحليين أو الأعمال الفنية المحلية تزين الموقع على الأقل نسبيًا، فبعد كل شيء كان الهدف من حفلة مثل هذه هو استعراض عظمة إيران، لكن الشاه كان رجلا متكلفًا ولم يكن يثق إلا بالمحترفين ذوي السمعة العالمية، لذا منح معظم الأعمال لشركات أوروبية مشهورة.
من أجل بناء مدينة الخيم الملكية في الموقع، استعان الشاه بشركة (جانسن) الفرنسية المشهورة، والتي جاءت بمخطط لبناء أجنحة ملكية فاخرة داخل خيم ذات تكييف هوائي، وتزيينها بحلة تقليدية فارسية لجعلها تبدو مثل خيم تقليدية.
كانت كل من هذه الخيم الفاخرة تحتوي على غرفتي نوم، وحمامين، وغرفة جلوس، ومطبخًا بطاهٍ محترف وخدم متاحين على مدار الساعة لتلبية حاجات الضيوف. كان بمقدور كل خيمة استيعاب 5 أشخاص بسهولة.
عمل مئات المهندسين المعماريين الفرنسيين ومصممي الديكور والحرفيين لسنة كاملة من أجل بناء هذه الخيم في مطار مهجور خارج مدينة باريس، ثم تم نقلها إلى مدينة تخت جمشيد الأثرية على متن مئات الطائرات ليتم تركيبها في موقع الحدث.
في الموقع، تم ترتيب 50 خيمة في المجمل على طول 5 أحياء متشعبة إلى الخارج انطلاقًا من نافورة مركزية، وهو الشكل الذي يمثل قارات العالم الخمس. في المجمل، غطت مدينة الخيم الملكية مساحة 160 أكرًا، وكانت تحتوي على خيمتين أخريين أكبر حجمًا، منها ”خيمة الشرف“، لاستقبال الضيوف وقاعة المآدب التي سنتناولها لاحقًا بالوصف الدقيق.
التحضيرات
من أجل توفير الطعام وطهيه، عين الشاه رضا بهلوي مطعم Maxim’s de Paris الشهير الذي مقره باريس، والذي كان يعتبر أفضل مطعم في العالم آنذاك. وقد حظيت الحفلة باهتمام أكبر بعد أن عقدت هذه الصفقة مع هذا المطعم الباريسي الشهير.
أغلق مطعم (ماكسيم) أبوابه في باريس قبل أسبوعين من موعد الحفل وأرسل بجميع معداته وطهاته ونوادله وبعض طواقمه الأخرى إلى مدينة تخت جمشيد من أجل التحضير للحدث. لغرض الإطعام، تم استيراد 18 طنًا من الطعام من باريس، من بينها ربع مليون بيضة، و2700 كلغ من لحم البقر، و1280 كلغ من لحوم الدواجن من بين عدة أمور أخرى، وعاد مدير الفنادق الأسطوري (ماكس بلوي) من تقاعده من أجل الإشراف على المأدبة.
في البادئ تمت المحافظة على سرية قائمة الطعام، لكن تم تسريبها لاحقا لوسائل الإعلام مما أثار فضيحة. مع استيراد مئات الأطنان من السلع والأغراض من مختلف بقاع العالم إلى هذا الموقع الصحراوي المعزول، كانت اللوجستيات تمثل هاجسا ومشكلة بحد ذاتها، ومن أجل تجاوزها وتسهيل عملية نقل البضائع إلى الموقع، قام الشاه ببناء مطار من الصفر في منطقة شيراز التي تبعد حوالي 50 كيلومتر عن تخت جمشيد، كما قام ببناء طريق سريع ليربط بين هذين الموقعين، وأوكل مهمة التوصيل والحراسة للقوات الجوية الإيرانية.
على مدار ستة أشهر تقريبًا، أجرت طائرات القوات الجوية الإيرانية عدة رحلات جوية بين باريس وشيراز لنقل السلع التي كانت تقلها بعدها بواسطة الشاحنات بعناية فائقة إلى مدينة بيرسبوليس. في كل شهر، كانت الإمدادات تنقل عبر الطريق السريع المنشأ حديثا إلى الموقع الصحراوي بغرض بناء الخيم المكيّفة والملكية على يد شركة (جانسن)، وكذا ملاءات (بورتهولت) الفاخرة، وأواني (روبيرت هافيلاند) الفاخرة والحصرية لتقديم المشروبات والطعام، وأخيرا زجاجات النبيذ المعتق الفاخر.
تم جلب ما وزنه 30 طنًا من معدات الطبخ من باريس من أجل خدمات مطعم (ماكسيم) وحده لتحضير الطعام، وخلال أيام الحدث، ظلت طائرات القوات الجوية تجلب للموقع مكعبات الثلج الضخمة بحجم مرأب منزلي.
تأمين الموقع
الآن ننتقل لأهم جزء في العملية، وهو توفير الأمن وتأمين الموقع، كان من المتوقع أن يكون هذا الحدث أكبر تجمع لقادة العالم وملوكه وأباطرته في مكان واحد في التاريخ، وقد كان الشاه في تلك الأثناء يواجه غضب الشعب ومقته لعدة أسباب أخرى. كانت عدة أعمال عنف خطيرة تجري في تلك الأثناء من طرف الشعب، لذا كان تأمين الحدث وتوفير الأمان اللازم لضيوف الشاه يمثل تحديا كبيرا.
اشتُبه في محاولة قيام بعض المقاتلين والميليشيات بتخريب الحفلة، لذا وزع الشاه شرطته السرية وجنوده، حوالي 65 ألف فردا منهم، من أجل حماية ضيوفه الذين لا يتعدى عددهم بضعة مئات. وتم وضع حواجز أمنية كل بضعة أمتار، وبما أن خطر تسميم الطعام كان قائما هو الآخر، تم جعل قاعة المآدب أكثر مكان محروس على الإطلاق، حيث لم يكن مسموحا إلا لبضعة قلائل بالدخول إليه.
كان يتم فحص وتفتيش الطباخين والنوادل بصورة دورية وبدقة كبيرة، كما تم إحضار خدم ونوادل إضافيين من سويسرا، على ما يبدو لم يكن هذا كافيا لطمأنة الشاه، لذا مضى قدما وأغلق حدود الدولة الإيرانية طوال مدة الاحتفال، فلا أحد كان يسمح له بدخول البلاد أو مغادرتها عدا ضيوفه.
تم كذلك غلق جميع الجامعات والمدارس، وفي خضم ذلك أغارت الشرطة السرية للشاه على المنازل وقامت بأسر آلاف الشباب فقط لمجرد الاشتباه فيهم. تم تفكيك وحل جميع الهيئات الطلابية والجمعيات وتم وضع قادة الطلبة والهيئات الطلابية خلف القضبان، حتى أن بعضا منهم تم سجنه قبل أشهر من موعد الحفل.
الترويج
لأن هذا الحفل كان عزيزا جدا على الشاه، فقد تم إنفاق مبلغ ضخم من المال على الإشهار فقط، حيث وقع الشاه عقودا مع قنوات تلفزيونية من دول مختلفة لإذاعة الحدث على الهواء مباشرة للمشاهدين الأجانب. كما وكل مجلس الأفلام الوطني الإيراني مخرجا بمهمة جمع طاقم من أجل صناعة فيلم عن الحدث، ودعيت النسخة الإنجليزية عن الحدث باسم ”شعلة بلاد فارس“.
وافق الممثل والمخرج الهوليوودي (أورسن ويلز) على سرد التعليق في النسخة الإنجليزية عن الفيلم الذي ألف نصه وحواره (مكدونالد هاستينغز)، وبالمقابل طلب (ويلز) من قريب الشاه تمويل فيلمه الخاص بعنوان «الجانب الآخر من الرياح».
مثلما سبق لنا قوله، كان قد أشرف على كل شيء محترفون ذوي سمعة عالمية، وقد خطط الشاه لإرسال نسخ عن الفيلم لقاعات سينما ومسارح حول العالم لعرضها على الناس.
خلال السنة التي سبقت الحدث، أُمرت السفارات الإيرانية حول العالم كله بتنظيم حفلات، ومؤتمرات، وندوات ونشاطات ثقافية أخرى من أجل جذب الاهتمام للحدث الرئيس.
تم نشر وإصدار عدة كتب حول إيران وتم نشر وتوزيع نسخها المترجمة إلى لغات العالم حول مختلف دول العالم، وقد كان الترويج لهذا الحدث ناجحا إلى أبعد الحدود، حيث تناولت مختلف وسائل الإعلام والشبكات التلفزيونية العالمية القصة تقريبا بصورة يومية لتتبع تطورات التحضير لهذه الحفلة الضخمة، كما تناولت تسريبات عن قائمة الطعام، وعن لائحة الضيوف وكذا عما من المفترض أن ترتديه الشخصيات المرموقة التي ستحضر الحفل.
قاربت الأشهر 13 من التحضير المضني على نهايتها باقتراب موعد الحفل، فأمرت وزارة الفلاحة والزراعة بغرس عدة هكتارات من أشجار الصنوبر الصغيرة على طول الطريق السريع المعبد وحديث المنشأ الذي يقود إلى المدينة الأثرية تخت جمشيد.
من أجل إنارة الطريق الذي يمتد على مسافة 50 كيلومتر من شيراز إلى مدينة تخت جمشيد ليلًا، أشعلت الشركة الوطنية الإيرانية للنفط مشاعل تُغذى ببراميل النفط، ووضعت مجموعة منها كل مائة متر.
قامت وزارة السياحة ببناء فندقين جديدين كليا في شيراز، وأطلقت عليهما اسم قورش وداريوش، وكان كل فندق بسعة 150 غرفة، وكان من المقرر على هذين الفندقين إيواء الضيوف الأقل مكانة وطواقم وسائل الإعلام.
تم تصميم كل عنصر من مدينة الخيم الملكية بعناية فائقة ليشعر المقيم فيها بالفخامة الملكية، وتم ترتيب الأثاث داخلها بطريقة فنية فاخرة أيضًا. كتبت إحدى الصحف الأمريكية في تعليقها على التحضيرات الخاصة بالحدث: ”عندما ينظم الشاه حفلة، فالسماء هي الحدود“.
تم تصميم وصناعة الفساتين والثياب الإيرانية من طرف خياطين فرنسيين باستخدام خيوط ذهبية، وأحجار كريمة وألماس، وكان كل ثوب يكلف عشرات الآلاف من الدولارات.
في كوكبة من الملوك والملكات والأمراء والأميرات وقادة العالم، لم يكن أي فرد ينوي أن يبدو أقل شأنا من غيره، لذا قام كل من المدعوين الذين لبوا الدعوة بتصميم ثياب مناسبة للحدث، على سبيل المثال، أثارت زوجة نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جلبة وفضيحة بعد أن شوهدت وهي ترتدي ثوبا باهضًا في الحفلة.
بما أن لكل شيء نهاية، فقد انتهت التحضيرات لهذا الحفل الضخم.
اليوم المنشود
تم غرس آخر أزهار مصمم الحدائق (تريفو) وتم تشغيل النوافير، ووقف المسؤولون الإيرانيون على أهبة الاستعداد، فقد كانت سمعة الشاه على المحك.
يوم الرابع عشر من أكتوبر سنة 1971، وفي صبيحة أول يوم من الاحتفالات، تدفقت وسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم إلى مدينة بيرسيبوليس الأثرية لتقف شاهدا على ما وعد به العالم من فخامة في هذا الحفل. في البداية، لم يكن الناس متفائلين للغاية، حيث لم يكن من السهل الاعتقاد بأن إيران تستطيع إقامة حفل بهذا الحجم كما وعدت، لكن مع وصول كل طائرة، راحت قائمة الشخصيات المهمة جدا تكبر شيئا فشيئا، وبدأ الحلم يتخذ شكلا واقعيًا.
فعلت كلتا الجبهتان: الديمقراطيات الغربية والكتلة السوفييتية في الشرق كل ما في وسعهما لإثبات حضورهما في هذا الحدث، فقد خطط الرئيس الأمريكي (نيكسون) في البادئ للحضور شخصيا لكن مصالح الخدمة السرية لم تمنحه الترخيص الأمني للقيام بذلك لدواعي أمنية لذا أرسل بنائبه (سبيرو أنيو) بدلا منه. من جهة الاتحاد السوفييتي، حضر رئيس دولة الاتحاد السوفيتي (نيكولاي بودغورني) شخصيا، وتم تمثيل النمسا وفنلندا وسويسرا من طرف رؤسائها، بينما تم تمثيل فرنسا وإيطاليا وكوريا الجنوبية وسوازيلاند من طرف رؤساء وزرائها.
أرسلت ألمانيا الغربية رئيس البندشتاغ والبرتغال أرسل بوزير خارجيته، كما أرسل البابا بولس السادس ممثليه الخواص بدلا عنه.
حضر شخصيا كل من رؤساء الدول التالية: بلغاريا، البرازيل، تركيا، المجر، تشيكوسلوفاكيا، السينغال، موريتانيا، داهومي والزائير.
وصل رئيسا يوغسلافيا ورومانيا برفقة زوجتيهما، بينما تم تمثيل كندا وأستراليا من طرف حكامها العموم، وأرسلت الصين سفيرها في إيران.
غير أن التركيز الأكبر كان على الحضور من العائلات الملكية، حيث لم يسبق لأحد أن رأى هذا العدد من الملوك والملكات والأمراء والأميرات مجتمعين في مكان واحد.
حضر إلى الحفل كل من: إمبراطور إثيوبيا، وملك وملكة الدنمارك، وملك وملكة بلجيكا، وملك وملكة النيبال، وملك وملكة اليونان، وملك الأردن، وملك النرويج، وملك ليزوتو، وأمير البحرين، وأمير قطر، وأمير الكويت، وأمير أبو ظبي، وسلطان عمان، وأمير وأميرة أفغانستان، وأمير وأميرة ليشنشتاين، وأمير وأميرة لوكسمبرغ، وأمير وأميرة موناكو، وأمير السويد، وأمير إسبانيا، وأمير إيطاليا، وأمير اليابان، وأمير المغرب، وأمير تايلاندا، وأميرة الأردن، وأفراد العائلة الملكية من ماليزيا.
لم تحضر الملكة إليزابيث الحفلة لأن البيت الملكي البريطاني لم يرغب في أن تشاهد الملكة وهي تكرم ”ملك الملوك“، وبدل ذلك أرسلت زوجها (فيليب) دوق أدنبره وابنتها (آن) لحضور الحفل.
لم يحضر بعض المدعوون كذلك بسبب بعض الضغوطات المحلية، حيث كان الشاه يعتبر ديكتاتورا قامعا لشعبه في نظر البلدان الغربية.
تنقل الشاه شخصيا إلى شيراز من أجل استقبال الضيوف الأكثر أهمية، كما أمر بتسخير أكثر من 250 سيارة ليموزين مضادة للرصاص من أجل نقل ضيوفه من مطار شيراز إلى موقع الاحتفال في تخت جمشيد الأثرية.
بدأ الاحتفال بمراسيم بسيطة أجريت عند قبر قورش الكبير مؤسس الإمبراطورية الفارسية قبل وقت قصير من المساء. مرافقًا من طرف الإمبراطورة فرح والأمير رضا، ارتدى الشاه لباسه الرسمي الإمبراطوري، وأدلى بخطاب مؤثر ومديح غزير لسلفه مؤسس الإمبراطورية الفارسية، ونذر على نفسه أمام الحضور بأن الإيرانيين اليوم سيستمرون في إثبات كونهم جديرين بماضي أجدادهم المجيد.
منح كل زعيم دولة خيمة له ولمرافقيه، ومن بين الأمور الفاخرة التي زخرت بها هذه الخيم نسيج فاخر مطرّز بصورة الضيف صاحب الخيمة المقيم فيها معلقة على أحد جدرانها، وقد قضى عشرات الحرفيين عدة أشهر في تحضير هذه الصور المطرزة.
وبما أن معظم العائلات الملكية الأوروبية تربطها ببعض علاقات قربى، فقد سنحت لهم الفرصة للالتقاء وقضاء بعض الوقت مع بعضهم البعض، حيث كانوا يقصدون خيم بعضهم البعض لتناول المشروبات في المساء، وقد أفاد عدة صحفيين لاحقا كيف أن الأمر بدا غير واقعي، حيث قد يصادف أحدهم نائب رئيس الولايات المتحدة وهو يسترخي جالسا على كرسي خارج خيمته، ثم في الخيمة الموالية تصادف رئيس الاتحاد السوفييتي، حيث بدا الأمر كله مثل العيش في بلدة صغيرة لا يعيش فيها سوى نخبة وقادة العالم.
في خيمة منفصلة بالقرب من مهبط الطائرات العمودية، كان هنالك ”النادي الاجتماعي“ الخاص بالشاه الذي أعده من أجل الترفيه عن الضيوف في حالة ما شعروا بالملل. كان لهذا النادي الاجتماعي منطقة استقبال، وحانة، ومطعم وكازينو، كما وضعت بالقرب منه خيمة تحمل داخلها 16 صالونا للعناية بالشعر، وأربعة صالونات للتجميل وصالونا واحدا للحلاقة خاصا بالرجال، ودعي نخبة خبراء التجميل والحلاقة والعناية بالشعر الباريسيون لتوفير خدماتهم للضيوف وسيداتهم المرافقات لهم.
تدرب هؤلاء الخبراء لعدة أشهر قبل موعد الحدث من أجل تحسين سرعتهم لمواجهة المهمة التي تنتظرهم، خاصة التدرب على كيفية وضع العصابة المرصعة بالجواهر في غضون دقائق قليلة. كما تم استدعاء فريق من خبراء ومصممي الموضة من باريس من أجل تولي مهمة التعديلات واللمسات الأخيرة على الأزياء الخاصة بالحضور.
مأدبة العشاء
في عشية اليوم الأول من الحدث، أقام الشاه حفلة عشاء باهرة لضيوفه داخل خيمة المآدب التي كانت في مركز مدينة الخيم الملكية.
تم تزيين هذه الخيمة بكل ما هو فاخر من طاولات وغطاء المائدة إلى الثريا المركزية في القاعة والأواني الذهبية والفضية التي قدم عليها الطعام، مما جعلها تبدو مثل قلعة فاخرة من العصور الوسطى الأوروبية.
تم تقديم الطعام على طاولة يبلغ طولها 70 مترا على شكل ثعبان ملتوي مع كون الحضور كلهم جالسين على جانب واحد منها، وقد قضت 125 امرأة أزيد من 6 أشهر من العمل الشاق من أجل تطريز غطاء هذه الطاولة.
أما الضيوف الآخرون، الذين كان من بينهم سفراء ومرافقي زعماء الدول، فقد جلسوا في مجموعات من 12 شخصا على طاولات أصغر حجمًا.
تعتبر هذه أول مرة في التاريخ التي يجتمع فيها قادة من دول مختلفة وأيديولوجيات مختلفة في حدث ثقافي واحد، فقد جمع هذا الحدث شيوعيين، وملوكًا، ومستعمرين سابقين، وديمقراطيين في مكان واحد وزمن واحد، جالسين جنب بعضهم البعض مستمتعين بوقتهم ووجباتهم.
بالعودة إلى مائدة المأدبة، لا حاجة لنا بالقول بأنها كانت تتضمن على أشهى الأطباق والأطعمة في ذلك الزمن، فقُدمت لائحة الطعام في لغتين: الفرنسية والفارسية، وبدون الخوض في التفاصيل، نود أن ننوه إلى أن المائدة تضمنت طواويسًا مشوية مزينة بريشها الأصلي!
تناول 600 ضيف طعامهم في وجبة لن يعرف لها الزمن مثيلاً بعد ذلك على الإطلاق، وقد دامت المأدبة 6 ساعات من الزمن ما يجعلها أطول مأدبة رسمية وأكثرها بذخا في العالم، وهو ما تعترف لها به موسوعة غينيس للأرقام القياسية.
بما أن إيران كانت دولة إسلامية، فهي لم تكن تحبذ الكحول كثيرًا، غير أن هذا لم يمنع حفلة الشاه من الغرق حرفيا في أغلى أنواع المشروبات الكحولية: حيث تم تقديم حوالي 2500 زجاجة من الشمبانيا، و1000 زجاجة من شراب البوردو، و1000 زجاجة من شراب البورغندي. كانت الشمبانيا معتقة من سنة 1911 بينما كان شراب الكونياك المعتق من سنة 1860، ولك أن تتخيل عزيزي القارئ سعر مثل هذا الشراب الفاخر في ذلك الوقت.
كان كل شيء وكل شخص هنالك في تلك الحفلة، كل ما يمكنك تخيله كان حاضرًا، وإن كان شيء ما ناقصًا فيها فهو الإيرانيون أنفسهم! ذلك أنه من أجل الحفاظ على حصرية الحفلة، لم يقدم الشاه دعوات لوزراء حكومته، وفقط مجموعة صغيرة من المسؤولين الإيرانيين الذين كانوا يتولون مهمة الإشراف على الحفل من كانوا حاضرين في الواقع.
قائمة الطعام الفاخرة باللغتين الفرنسية والفارسية. صورة: alimentarium
اليوم الثاني من الحدث
الخامس عشر من شهر أكتوبر سنة 1971، بدأ اليوم الثاني للاحتفاليات بالحدث الرئيس، فاجتمع الضيوف في رقعة واسعة من الصحراء ليشهدوا التتويج الثاني والمهيب للإمبراطورية الفارسية في عيد ميلادها الـ2500. سار 1724 جنديا مع مئات الجياد الإيرانية الأصيلة والجِمال في ما أصبح يعرف بأعظم مسيرة في التاريخ، ممثلين جيوش السلالات المتعاقبة التي حكمت الإمبراطورية الفارسية.
قام الشاه بكل ما في وسعه من أجل إعادة خلق الجو التاريخي الملائم للحدث، حيث تمت صناعة الأزياء واللحى والشعر المستعار والبذلات المبهرجة والعربات المفتوحة الذهبية، والأسلحة، والسفن الحربية، والشعارات الرسمية بعد بحث مفصل ودقيق من طرف فرق من مؤرخين من دول وجنسيات مختلفة متخصصين في تاريخ الحروب والجيوش.
مسيرة الجيوش في اليوم الثاني من الحدث. صورة: history
عملت الورشات العسكرية التابعة للجيش الإيراني في طهران على توفير مختلف الأزياء، بينما صنعت الأبواق القديمة وبعض الآلات الموسيقية من الصفر لإصدار أصوات لم تسمعها أذن منذ قرون، كما كانت هناك نماذج مطابقة لسفن حربية قديمة يعود تاريخها لأيام كسرى المجيدة.
سارت مجموعة من الفرسان على صهوات أحصنتها من طهران في اليوم السابق للحدث وصولا إلى منصة التتويج التي جلس عليها الشاه وعائلته الملكية وبعض من أبرز ضيوفه، ثم ترجل قائد المجموعة الذي كان يرتدي زي السلالة الأخمينية عن صهوة جواده ليقدم للشاه ورق برشمان مكتوبا بخط اليد، وبعد غروب الشمس، تبع الضيوف مضيفهم الشاه لمشاهدة أداء مذهل من الأصوات والأضواء المتنوعة بين أطلال مدينة تخت جمشيد الأثرية.
للمزيد..
‘They died in the exact same way’| George Floyd’s killing puts spotlight on similar cases around the world
في أصوات درامية لحكام فُرس مختلفين، تذكر الحضور أيام الحضارة والإمبراطورية الفارسية الذهبية والمجيدة. في وقت لاحق من نفس الليلة، تم التخطيط لعرض مذهل من الألعاب النارية، والذي جاء ليباغت الحضور الذين شعروا بالهلع في البادئ لاعتقادهم بأن الموقع كان تحت هجوم إرهابي.
في صباح اليوم الموالي، غادرت الكثير من الشخصيات المهمة من ضيوف الشاه مدينة تخت جمشيد، وكل من بقي تم نقله إلى مطار شيراز ثم لاحقًا إلى العاصمة طهران. انتهت الاحتفالية ببعض الأحداث المبرمجة في العاصمة طهران، بما في ذلك تتويج ”برج الشاه“ على شرف الملك.
بغض النظر عن بعض الأمور الجانبية، كان الحفل ناجحا إلى أبعد الحدود، حيث تمكن الشاه من استعراض مهاراته في إقامة الحفلات أمام العالم كله، وظل الناس من مختلف أنحاء العالم يتناقشون حول الثياب والفساتين الباهضة والجميلة والمجوهرات الخاصة بالملكة فرح زوجة الشاه.
كان من بين المواضيع التي نالت شعبية كبيرة، هو طوق كلب الإمبراطور الإثيوبي المرصع بالألماس، والذي بدى أغلى ثمنًا من معظم المجوهرات التي ارتدتها ملكات وأميرات كنّ في الحفل.
وصفت مجلة (تايم) الحفلة على أنها: ”أعظم تجمع في القرن“، بينما وصفتها مجلة (ستيرن) بـ: ”أم جميع الحفلات“، وقالت في وصفها مجلة (لايف): ”حفلة القرن“، بينما وصفتها مجلة سويسرية على أنها: ”مخيّم بمليار دولار“، وبدت بعض العائلات الملكية معجبة بالحفل، بينما شعرت عائلات أخرى بالغيرة.
لوقت قصير، كانت إيران فخورة، حيث تسمر الشعب الإيراني أمام شاشات التلفاز ليشاهدوا ملكهم وهو يتلقى التكريمات والاحترام من أقوى أمم العالم، غير أن هذا لم يدم طويلًا.
أحداث ما بعد الحفل
لم يتم تقدير مجهودات الشاه في سبيل الترويج لصورة جميلة للدولة ونشر تاريخها العريق في العالم من قبل الكثيرين، حيث صار الشاه يُرى في الداخل والخارج على أنه مبذر أموال لا يرغب سوى في الاستعراض والتباهي. وصف آية الله الخميني، وهو ثوري إيراني كان في المنفى، الحفلة على أنها: ”مهرجان الشيطان“.
صُدم عامة الشعب الإيراني من كل تلك الكمية الهائلة من الكحول التي تم استهلاكها خلال الاحتفال، كما صدمتهم الفساتين والتنانير القصيرة الفاضحة، وكان أكثر ما أغاضهم هو غياب الحضور الإيراني التام عن المراسيم والاحتفالات، وهو الأمر الذي اعتبر بشكل واسع علامة على التغطرس الملكي والجبروت.
كانت تكلفة الحفل وفقا لتقديرات خبراء مجلة (تايم) بحوالي 100 مليون دولار التي تساوي اليوم 635 مليونًا، بينما ضاعفت الصحافة الفرنسية هذا الرقم لتجعل التكلفة الفعلية للحفل أكثر من مليار دولار بأرقام اليوم.
قدر الناس في إيران أن تكلفة الحفل لم تكن أقل من 500 مليون دولار بأموال اليوم، هذا وفنّد مسؤولو الشاه هذه الأرقام كلها وأعلنوا على أن تكلفة الاحتفالية كانت عند حدود 16.8 مليون دولار آنذاك، ووفقًا للشاه اقتصرت التكاليف على شراء الطعام للضيوف فقط، كما ادعى المسؤولون الإيرانيون أن الحفلة ساعدت على جمع أموال التبرعات من أجل بناء 3200 مدرسة في المناطق الريفية من البلد، لذا جعلوا للحفل هدفا نبيلا أيضًا.
بينما كانت عامة الشعب الإيراني تكافح من أجل لقمة العيش ومن أجل النجاة، كان الشاه يقيم حفلًا لأصدقائه الأثرياء في مكان قام ببنائه بعيدا عن الشعب المسكين، ومنه فقد الشاه كل الدعم الشعبي الذي كان يحظى به حتى الآن.
انضمت الأحزاب السياسية المعارضة على الرغم من اختلاف آيديولوجياتها ووجهات نظرها لبعضها البعض ضد الشاه، وبعد مرور ثلاثة سنوات على الحفل، اعتذر الشاه علنا لشعبه وطلب منه المغفرة عن عقود من القرارات الخاطئة، والفساد، والقمع والوحشية.. غير أن الاعتذار جاء متأخرًا.
قادت الانتفاضة الشعبية في إيران إلى قيام الثورة الإسلامية سنة 1979 التي أنهت حكم سلالة بهلوي في إيران بعد ألفيتين ونصف من قيام الإمبراطورية الفارسية. نفي الشاه إلى مصر حيث توفي بعد سنة لاحقًا، وعاد آية الله الخميني من المنفى. أصبحت إيران الآن جمهورية إسلامية وآية الله الخميني هو قائدها الأعلى.
كانت احتفالية مدينة تخت جمشيد الأثرية قد جمعت حاكمين اثنين لأقدم ثلاثة ممالك في العالم وهما الشاه الإيراني وإمبراطور إثيوبيا، وبحلول نهاية ذلك العقد من الزمن، كان الحكم الملكي لكل من الشاه والإمبراطور الإثيوبي قد وصلا لنهايتيهما.
تمت الإطاحة بالإمبراطور الإثيوبي ثم اغتياله من طرف الثوار سنة 1974، وذلك بعد 3 سنوات أيضا من حفل الشاه، وفي سنة 1973، تم إنهاء الحكم الملكي في اليونان أيضًا، وفي نفس السنة، أطيح بالحكم الملكي الأفغاني ما وضع نهاية لأكثر من قرنين من الملكية في البلد.
مع كون الحكومات الملكية والإمبراطورية تنهار مثل بيت ورقي، ثبت كون حفلة الشاه مثل ”العشاء الأخير“ للعائلات الملكلية التي حضرتها، حيث وصفها الكثيرون بأنها الحفلة التي اجتمع فيها هؤلاء ليحتفلوا بآخر أيامهم.
بقيت مدينة الخيم الملكية تستخدم حتى سنة 1979 من طرف مسؤولين حكوميين، ثم تعرضت للنهب غداة رحيل الشاه، ولم يبق حتى يومنا هذا من تلك المدينة سوى القضبان الحديدية التي كانت تمثل دعائمًا للخيم فيها.
أما برج الشاه، الذي يعتبر من بين المعالم التي تميز إيران، فقد أعيد تسميته في سنة 1979 ببرج (آزادي)، التي تعني ”الحرية“.
وهكذا كانت أغلى حفلة في تاريخ الإنسان هي آخر حفلة يقيمها منظمها الشاه الإيراني (رضا بهلوي).
للمزيد..