رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال
رواية مسلسلة مليئة بالغموض والإثارة
الفصل الثامن
” الشاب الصغير “
بقيت عينيّ موسى متطلعة على البوابة أمامه حتى بعدما توقفت عن التموّج بعد أن قفز داخلها فهد بجرأة ، وذهب موسى بخياله بعيدًا محاولًا معرفة ما الذي سيراه فهد هناك ، ولكن كان هذا سرًا حتى بالنسبة له .
قال بصوتٍ عالٍ : ” يبدو أنني عدت وحيدًا ”
استدار ونظر خلفه عندما سمع صوتًا ، فوجد شابًا جالسًا على السرير وعيناه مغمضتان فقال : ” من أنت ؟ وكيف وصلت إلى هنا ؟ “
فتح هذا الشاب عينيه وبدت عليه علامات الدهشة والتعجب فقال متعجبًا : ” سيّد موسى ! ، ماذا حدث ولما تقف هكذا ؟ “
فرد عليه موسى : ” من أنت وكيف عرفت اسمي ؟ “
– ما هذا التعجب البادي على وجهك !؟ ، لقد كنت معك لمدة يومين ، كيف نسيتني بهذه السرعة ؟
صرخ الشاب بعدما وقف على قدميه وأمسك وجهه فوجد لحية وقال : ” ما هذا !؟ ”
ثم نظر لجسمه وأردف : ” لقد صرت أطول بكثير مما كنت ” ، ثم أكمل كلامه ضاحكًا : ” وأصبحت لدي لحية الآن ” .
نظر موسى لعينيّ الشاب ودقَّقَ النظر ثم قال في تعجب : ” فهد !! أهذا أنت ؟ “
فردَّ الشاب : ” نعم ” ، فأردف موسى متمتمّا : ” ولكن كيف ؟ “
فقال فهد : ” ما الذي حدث لي ؟ كيف أصبحت أطول ولدي لحية ، حتى ملابسي تغيرت ، ما هذا يا سيدي ؟ “
قال موسى بعدما بلغت الدهشة منه مرادها : ” حقًا لا أدري ما حدث ، ولكن ما أراه أنك أصبحت شابًا في العشرينات من عمرك ، كم عمرك الآن ”
قال فهد بدون تفكير : ” واحد وعشرون عامًا ” ، ثم أردف سريعًا بعدما أدرك ما قاله توًّا : ” عمري أحد عشر عامًا ، عيد مولدي الحادي عشر كان منذ يومين فقط ، كيف أصبحت هكذا ؟! “
قال موسى متعجبًا مما يرى : ” يبدو أنك أصبحت في الحادي والعشرين من عمرك يا فتى ، لم يسبق لهذا أن حدث من قبل ”
نظر موسى بعيدًا وبدى على وجهه الاهتمام والإنصات كأنه يسمع شيئًا ما ، ثم قال بعد فترة وجيزة : ” كان يجب ان يحدث هذا لك ، لقد أصبحت شابًا كما قلت لك وعقلك الباطن المتحكم في أفعالك اللاإرادية والمسيطر على تكوين تفكيرك أصبح لشابٍ في هذا العمر ولكن عقلك الحاضر هو عقلك المعتاد بدون تغيير ، ما تغير هو شكلك و عقلك الباطن فقط ”
صمت قليلًا ثم أردف : ” وما علمته أيضًا أنك في أوقات ما ستجد عقلك يفكر في أشياءٍ لم تكن لتخطر على بالك ولكن سببها هو عقلك الباطن الجديد ”
ضحك موسى عندما وجد علامات البلاهة وعدم الفهم تكسو وجه فهد ، وكأن عقله توقف مما سمع .
حاول فهد أن يتحدث ولكن شعر أن لسانه انعقد وتوقف عن الكلام وبعد فترة من الصمت قال : ” ماذا حدث مجددًا ؟ ”
ضحك فهد عندما سمع نبرة صوته وهو يقول تلك الكلمات التي كانت كأنها تخرج من فم شابٍ مخمور لا يدري ما يقول .
قال موسى محاولًا شرح ما يحدث لفهد وهو مبتسمٌ : ” اسمعني جيدًا يا فهد ، بكل بساطة أنت أصبحت في سن الحادي والعشرين ، وعندما أقول أنت أقصد عقلك الباطن وشخصيتك الخفية ، هذا الشكل وتلك الهيئة التي أنت عليها الآن ستختفي في أي مكانٍ آخر عدا هنا ، وستعود لشكلك المعتاد ولكن كما قلت ستشعر أن شخصيتك وتفكيرك غريب عن المعتاد قليلًا “
صمت قليلًا ثم أردف : ” تصرفاتك وأفعالك و آراءك فيما سيقابلك من مواقف وحتى طريقة كلامك ستكون كشابٍ ، كما أسمع الآن يبدو أنها هبة من هذا المكان لك ”
لقراءة الجزء العاشر
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء العاشر) |مكتبة فرندة
لقراءة الجزء التاسع
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء التاسع) |مكتبة فرندة
قال فهد وهو يمسِّدُ صَدْغيه ويحاول فهم ما يُقال له : ” أظن أني أفهم قليلًا الآن ، ولو أنه صعب الفهم ”
قال موسى : ” قيل لي الآن أنه يجب أن تذهب ”
– إلى أين ؟
– إلى البوابة مجددًا ، فيبدو أن رحلتك لم تبدأ بعد .
– كيف لم تبدأ بعد كل ما رأيته هناك .
وبدأ يقص ما رأى منذ قفزه في البوابة وحتى ظهوره على السرير في الغرفة البيضاء .
قال موسى وعلامات الدهشة لم تفارق وجهه طوال استماعه لفهد : ” هذا عجيب حقًا ! ، كأنه شريط أحداث مررت به وتراه مجددًا ولكن بمنظور مختلف ، كأنك تراه من خلف الكواليس ، ولكن الأعجب هنا أنك بعدما قفزت بلحظات معدودة ظهرت هنا ، وفي نفس الوقت حدث معك كل ما قصصت الآن ، الوقت وسريانه هنا من أعجب الأشياء التي رأيتها في حياتي ”
ثم أردف ضاحكًا : ” قُم أيها الشبح الآن ، فكما قلت لك رحلتك لم تبدأ بعد ”
وما إن تحرك فهد من مكانه شعر أن خطواته متثاقلة ، وأنه لا يستطيع التحرك جيدًا فأخبر موسى بذلك فرَدَّ عليه : ” لا تخف من هذا ، أنت لم تعتد على جسدك الطويل فقط “
وفور أن وقفا أمام البوابة تموجت مجددًا كالمرة السابقة ، سمع موسى صوت أنفاس فهد وهي تتعالى فقال له : ” اهدأ يا بنيّ ، أعلم أنه لأمرٌ صعبٌ عليك وأنت في هذه السن الصغيرة ، ولكن لا يختار أحد قدره هنا ”
ثم نظر لعينيّ فهد نظرة حانية كنظرة الأب لطفله الرضيع وقال : ” ستفهم كل شيء قريبًا ، أنا أثق في قدراتك ، أعثر على التوافق بين هذا وذاك وستصل لما تريد ” ، وأشار لموضعيّ عقله وقلبه .
كانت كلمات موسى كالماء الذي أطفأ النيران في قلب فهد ، وهدأت أنفاسه ثم قال بعدما نظر للبوابة نظرة تَحَدٍ : ” سأُنهي هذا ”
وقفز مجددًا في البوابة وهو يقول بصوتٍ منخفضٍ جدًا كلمات لم يسمعها موسى ولكنها كانت من أحب الكلمات لقلب فهد لأنه اعتاد أن يسمعها من والده كلما شعر بالخوف …..
لمتابعة الجزء الثاني عشر من رواية سانتوريني :
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثاني عشر) |مكتبة فرندة
لقراءة رواية سانتوريني ومعرفة أحداثها من البداية :
رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 |مكتبة فرندة
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh