أحمد التوني كأس السلام الذي ارتوى منه المحبين
الشيخ أحمد التوني .. رسالة سلام عبر 80 سنة إنشاد
لم يكن الشيخ أحمد التوني مجرد مداح للمصطفى عليه الصلاة والسلام أو منشد على أعتاب السادة أل بيته الأغيار الأطهار وإلا ما كان تفرد بحمل لقب سلطان المادحين ولكنه كان شراب للمحبين ومشروبهم وساقي الأرواح في حضرة الحب.
سَكِرتُ وتُهتُ عنْ حَسي ونَفْسي و مِلتُ برَشفِ راحَيَّ عن زَمَانِي.
وعاينت الجمال بكل شئ جمال الحق في عين العيان
تُنادي كُلُ جَارحَةٍ وعُضوٍ و أزهارٌ و أنْوارُ الجنانِ وأفْلاكُ تَدورُ على انتظام
حالة النشوة التي تعقب السكر التي كانت تنتاب الشيخ التوني تهيم أيضاً بأرواح المحبين تطير بهم عن إطار الزمان والمكان فالكل نشوان سكران في صحو ومحو يرنو بأفئدة المحبين للنور الأسمى الناطق عن عبق الكلمة.
رحلة الشيخ التوني التي امتدت على مدار ثمانون عاماً في ربوع تنهدات الانشاد حملت معنى رسالة سلام
يا باعثا روح السلام لهديه .. ضل الأنام عن السلام فهاته
ضَرب ناقوسي في ديري فتحركت الصلبان
أبحر الشيخ التوني وتبحر في بحار شوق المحبة فغرف واغترف من ينابيع الصوفية منهل حق، فكان خير داعيا لقيم التصوف السمحة في قصائده.
ودعتني فزاد فيها ولوعي
واجتمعنا فكان خير جموعي
وأضاءت أنوارها بسطوعي
وشموعي قد أوقدت في ربوعي
وقيودي حلت وفكت حبوسي
استخدام الشيخ التوني لمفردات الحان والكأس والدن والخمر والمدام حمل فك لرموز الصوفية في التعبير عن مشربهم في الحان الإلهي.
إن ورد المدام للوصل سلم
بكؤوس أتى بها من تهيم
كل صباً صبى بها قد ترنم
ابن ادهم لما شربها ترجم
نزهته عن ملكه واللبوس
فاستطاع أن يطوع تلك المفردات في قصائد طارت بين أفئدة المحبين قبل أن ترشفها أذانهم وصارت أبيات شوقا وهيام بين المتيمين.
وتفرد السلطان التوني بغناء قصائد أنشدته قبل أن ينشدها، ولا سيما قصائد الإمام المجدد سيدي ماضي أبو العزائم، كذلك تفرد بذكر سير أحبة أنعش بها قلوب البسطاء كما جاء في روائعه حليمة السعدية، هلال، يا خمار خاف الله، قصص الأنبياء.
كما كان له السبق في الحديث عن سيدنا أبو بكر الصديق في رائعته يا غنام، إذ حكى بقلب شجي عن مصاحبة الصديق للحبيب في رحلة الهجرة.
رهبان في محراب العشق| عبد الكريم الجيلى.. فيلسوف المتصوفين
أيظهر هذا النور للروح جهرة وجسمي لم يهتز ذاك عجيب
وتشهد عين القلب نور حبيبها فيجلى لها وهو العلي قريب
ولم اتفضح في هواه صبابة ومن شدة الاشواق كدت اذوب
ظل الشيخ رحمه الله محتفظا بملبسه الصعيدي جلباب وعمامة بيضاء كما ظل محتفظا بمنهاجه في سقاية الأرواح تناغم وتألف فاستحق بحق أن يكون رسول محبة وسلام بين محبين رقوا وارتقوا فكان مرسال جميل وجمال ودلال وخيال فهو السائق والساقي.
ففي حضرته البعض غائب والبعض ذائب والكل تائب تاركين الأشباح محلقين في عالم الأرواح.
أحمد السكري
صحافي مصري متخصص في الشأن السياسي والبرلماني وله مقالات ومحاضرات تعليمية في فنون الصحافة، كما أن له بعض الأسهامات الأدبية والمقالات الصوفية، وصاحب باب أهل الحب بجريدة الوفد، وحلقات رهبان في محراب العشق ولحن القوافي التي نشرت في موقع دوت مصر.
للمزيد..
ياسين التهامي غواص في بحر القوافي | عصفور غرد فأحيته الكلمة (فيديو)
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh