زحمة الأيام .. مرثية جيل من شريط الكاسيت إلى التريند !!

زحمة الأيام .. مرثية جيل من شريط الكاسيت إلى التريند !!

زحمة الأيام .. مرثية جيل من شريط الكاسيت إلى التريند بقلم أحمد صلاح إبراهيم

أطلق نجوم جيل التسعينات الرباعي ( حميد الشاعري وهشام عباس ومصطفى قمر وإيهاب توفيق)، أغنية جديدة تحمل اسم “زحمة الأيام”، من كلمات سامح العجمي، وألحان أشرف سالم، وتوزيع نديم الشاعري.

تخاطب الأغنية العديد من المعاني الانسانية كالتحسر على الماضي, والشكوى من الزمان، وتبدل الأيام والأحوال، وفراق الأحباب، والحنين، ومحاولة مسايرة الواقع.

وما إن طرحت الأغنية يوم الخميس الماضي، حتى تصدرت قائمة ” التريند” على موقع يوتيوب في مصر.

وهي المفارقة القدرية أن يعود الرباعي الذي بنى شعبيته في زمن الشريط الكاسيت إلى الواجهة مرة أخرى ولكن هذه المرة في زمن التريند“.

فما الدلالات التي تحملها هذه المفارقة؟، وما دلالات المعانى التي تخاطبها الأغنية في الجمهور حتى تحقق هذه القفزة في وقت قصير؟

 

مرثية جيل .. من الذاتي إلى الجمعي

أثار ظهور (حميد الشاعري) في فترة الثمانينات جدلًا كبيرًا، حيث يصنفه البعض أنه  قائد ثورة تجديد الموسيقى العربية، لما قدمه خلال تاريخه الفني من أعمال موسيقية مهمة، وتأسيس شكل جديد للموسيقى لم يكن موجودًا من قبل ودعمه وتقديمه للعديد من المطربين في بداياتهم على مدار أكثر من ثلاثين عامًا.

بينما تحفظ البعض على ما يقدمه من لون موسيقى خصوصًا وأن الساحة الغنائية وقتها كانت تمر بمرحلة انتقالية بعد وفاة عبد الحليم حافظ وأم كلثوم مما جعل الساحة فارغة تقريبًا حتى مع وجود مطربين أصواتهم جيدة، لكن لم يستطع أحد أن يملأ  فراغ حليم و«الست».

وفي النهاية حسم “حميد” هذا الجدل لصالحه، وتمكن من فرض أسلوبه، وأن يصبح مفتاح النجاح في تلك الفترة، وأي مطرب شاب يُكتب له النجاح يكون حميد سببًا، سواء بالغناء أو بالتوزيع أو بالتلحين.

ومن ضمنهم الثلاثي (مصطفى قمر، هشام عباس، إيهاب توفيق)، وساهم “حميد” بقوة في ثورة في عالم شرائط الكاسيت، وبسبب توزيعه لأغنية «لولاكي» للراحل علي حميدة باعت الأغنية مليون نسخة من شرائط الكاسيت، رغم عشوائيتها كأغنية من حيث الألحان والكلمات.

وأما السنين بتفوت والغنوة تبقى سكوت

ومع بداية الألفية الثالثة اختفى حميد تدريجيًّا من الساحة، ليترك المجال لآخرين مهَّد لهم النجاح، أو تأثرو به، تراجع التعاون بين الرباعي، وتراجعت نجومية وعطاء الرباعي أنفسهم، اللهم إلا ظهور غير مقنع كل حين لمصطفى قمر سينمائيًا، ودراميًا، واتجاه هشام عباس لتقديم البرامج والتي من بينها ” شريط كوكتيل، مع اختفاء ايهاب توفيق.

البعض يعزو هذا التراجع إلى سوء إدارتهم لموهبتهم، وعدم قدرتهم على التكيف مع المتغيرات، والبعض الآخر يرى أنها طبيعة السوق، والمنافسة، والعرض والطلب.

ونتيجة لعدد من التغيرات السياسية، والاجتماعية، والثقافية، وتغير الأذواق والتفضيلات، وتغير سمات وخصائص الجمهور، بدأ في الظهور نمط جديد من الأغاني الشعبية اصطلح على تسميته ” أغاني المهرجانات”.

حيث الايقاع السريع، والكلمات المبتذلة، والموسيقى الصاخبة، واجه هذا النوع من الغناء اعتراضات، ولازال السجال مستمرًا، ولكنه نجح في فرض منطقه، اعتمادًا على آليات السوق الجديد، ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث الغلبة للتريند، وعدد المشاهدات، دون التأثير على عقل أو وجدان الجمهور.

Old Is Gold

من هنا ممكن النظر إلى أغنية زحمة الأيام“، على أنها بمثابة صرخة رثاء لجيل فني، على مستوى صناع الأغنية، واجتماعي على مستوى الجمهور.

فعلى المستوى الفني توارى أغلب جيل حميد الشاعري، وتنحى جانبًا، لصالح أبطال، وأنصار هذا النوع من الغناء، وعلى مستوى الجمهور، إذا كان جمهور  “المهرجانات” يغلب عليه فئة المراهقين/الأندر إيدج، فإن جمهور التسعينات أيضًا توارى، نتيجة الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها البلاد.

ولم يعد يملك إلا مشاعر الحنين، وأغاني ارتبط وجدانه بها منذ الثمانينات، والتسعينات، وهناك شواهد عدة تؤكد حالة النوستالجيا، والحنين لدى هذا الجيل سواء على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي كان أخرها نجاح “زحمة الأيام”.

عمر اتسرق مننا فين اللي كانوا هنا .. راحوا خلاص ومافيش

لا تخلو أغنية ” زحمة الأيام” من قيم الوفاء والإخلاص لروح صناعها، المؤلف الشاعر سامح العجمي، والملحن أشرف سالم، اللذان لم يمهلهما القدر حتى يشاهدوا ابداعهم يرى النور، فحرص صناع الأغنية على ظهورهم في الفيديو كليب الخاص بها.

وبدا الامر كما لو كانا متواجدان بأنفسهما في مشاهد الفيديو، ومع نهاية الأغنية نكتشف أن الصور التي ينظر إليها المطربين الأربعة هي صورهم مع سامح العجمي وأشرف سالم وأن الأغنية كانت عنهما.

والجدير بالذكر أن سامح العجمي توفي في 11 مارس 2020 أثر أزمة قلبية مفاجئة وبعد أقل من 3 أشهر توفي صديقه، وشريك نجاحاته أشرف سالم بذبحة صدرية في 4 يونيو 2020، وتم طرح الأغنية تزامنًا مع ذكرى وفاته الأولى.

عدى زمانا وسبق وقع الفرس في السبق .. لكن أكيد هيقوم

يطرح النجاح السريع الذي حققته زحمة الأيام في وقت قصير، العديد من التساؤلات، والتوقعات، لصناع هذا العمل، هل يمكن البناء على هذا النجاح، وتطوير واستمرار التعاون بينهم، لاستعادة أمجادهم، ومواجهة حالة التردي السائد على الساحة، وكسب ثقة جمهور جديد، إلى جانب جمهور الثمانينات والتسعينات، الذي ما زال يحمل في وجدانه، حنينًا إلى أيام مضت؟!.

للمزيد..

في خان الخليلي .. لماذا فضلت نوال الباد بوي؟!

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

زحمة الأيام.. مرثية جيل من شريط الكاسيت إلى التريند (5)
أإنية زحمة الأيام.. مرثية جيل من شريط الكاسيت إلى التريند
شارك المقالة