أوشو: جميع التّجارب الماديّة والذهنيّة والرّوحية.. أحلام !

أوشو: جميع التّجارب الماديّة والذهنيّة والرّوحية.. أحلام !

 

– أوشو:
جميع التّجارب الماديّة والذهنيّة والرّوحية.. أحلام !
______________________________________
جميع ما بالإمكان اختباره وتَجْرُبته سوف يبقى ظاهرة من الظّواهر ؟!
الأمر لا يقتصر على عالم الأشياء والتّجارب المادّيّة التي تختبرونها خارجكم. الموجود خارجكم أحلام، لكن ليس وحده، فالأشياء التي تختَبرونها داخل محراب الوعي، هي أحلام أيضًا. قد ينتمي ما تَختَبرونه للعالَم الخارجيّ وقد ينتمي لعالمكم الدّاخليّ. قد ينتمي لتجارب دنيويّة عاديّة، وقد ينتمي لتجارب روحيةٍ عظيمةٍ مَهولة.

قد تختبرون استيقاظ الكونداليني (قوّة الحياة) وتشهدون على صعودها: هذه ظاهرة من الظّواهر أيضًا. إنّها حلم جميل مَهيب، لكنّ الأحلام تبقى أحلامًا.
قد تَشهَدون نورًا عظيمًا مَهولًا يتدفّق ويجتاح عالَمكم الدّاخليّ كالطوفان، ولكنّ هذا النور هو أيضاً ظاهرة من الظواهر.
قد تُشاهِدون أزهار اللوتس، أزهار الاستنارة والوعي المُطْلَق تُزهرُ وتتفَتَّحُ بداخلكم، يُصاحِبُها عبيرٌ ساحِرٌ أخّاذٌ يملأ أرجاء كيانكم.
جميعها ظواهر، لأنّكم الشّاهِد الذي يرَى ويُشاهِد ويشهد دَوماً ولسْتُم المَشاهِد، لستُم ما يراهُ الشّاهِد، لسْتُم ما تُشاهِدونه، لستُم الأحداثَ والظّواهرَ. “أنتُم مَن يختَبِر ولستُم الاختبار أو ما تختَبِرونه.”

إنّ جميعَ ما بإمكانِكُم أن تُشاهِدوه وتشهدوا عليه، تُراقبوه وتُلاحِظوه، هو ظاهرة من الظواهر، سواء أكانت ظاهرة مادية، ظاهرة نفسية ذهنية، أمْ ظاهرة روحية، فجميعها سَواء.
تذكّروا: جميع ما ترونه لا يعْدو كَوْنَهُ حلمًا من بين أحلام !

اِبدأوا بِعَيْشِ حياتكم مُتَّبعين هذه الطريقة وهذا الأسلوب…
إنْ كنتم في الشارعِ تَمشون فلْتتفَكَّروا في البشرِ الذين يمرّون من أمامكم، ولتشعروا أنهم جميعهم أحلام.
المحلّات وأصحاب المحلّات والزّبائن، النّاسُ في ذهابٍ وإياب.. جميعهم أحلام.
البيوت والطّرقات والسيارات والطائرات والقطارات.. جميعها أحلام.

فجأة وفي يومٍ من الأيام يتَّقد فيكم الفَهمُ كمَن أصابه وميضٌ من البرق، لِيَعي كلُّ فردٍ منكم ب”أنني حلم أيضًا”.
فإنْ كان ما ترونهُ حلماً… فمَن يكون هذا الذي يرى؟ من هذا ال”أنا” الذي يرى؟!
إن كان الخارجي حلماً… فالدّاخلي سيكون حلماً أيضًاً.
إنْ كان الخارجي مزيّفاً فكيف يكون الدّاخلي حقيقيّاً ؟

ما إن تبدأوا بمشاهدة كلّ شيءٍ وكأنه حُلُم… فسيزوركم في أحد الأيام إحساسٌ بأنَّ شيئًا قد انسَلَّ من داخل كيانِكم وانسحَب. ” فكرة الأنا هي مَن سوف ينسحب.”
ما إنْ تتّبعوا هذه الطريقة حتّى تزوركم المعجزة:
سوف تنظرون في أحدِ الأيامِ داخلكم فلا تجدون “أنا”، لن تجدوا أحدًا ؟!

وما “الأنا” التي فيكم سوى نتاجِ وَهم الاعتقاد بأنّ كلّ ما ترونه حقيقيّ. لن تغادركم “الأنا” طالما أنكم تعتقدون ما ترونهُ حقيقةً، فهي مُحَصِّلة هذا الاعتقاد.
ما إن تعوا أنّ جميع ما ترونهُ حلم، حتّى تنسحبَ الأنا وتغادر وتختفي.
وإنْ استمرَّيتُم برؤية كلّ شيءٍ على أنه حلم ودون انقطاع، عندها وفي أحدِ الأيام سوف تتفاجؤون وأنتم في الليل تحلمون…
سوف تتذكرون وأنتم في قلبِ الحلم فجأة بأنّ هذا أيضًا حلم من ضمن الأحلام !
وفورَ حدوث هذه الذكرى لكم يختفي الحلم مباشرةً من أمامكم، لتختبروا وللمرةِ الأولى في حياتكم نَوماً عميقاً صافياً للجسد، وفي الوقت نفسه صحوةً لكم. هي تجربةٌ فريدة تحوي هذا التناقض، إلا أنّ مَنْفَعتها عظيمة.

مذاقٌ جديد يكتَسِبُهُ وَعيكم ما إنْ تشاهدوا أحلامكم تختفي أثناء نومكم.
هكذا تستيقظون في صباحِ اليوم التالي وأنتم تحيونَ على مستوى جديد من مستويات وعيكم، لم تتعرفوا عليهِ قبل ذلك.
في الحقيقة، سوف تستيقظون للمرة الأولى في حياتكم، وسوف تعلمون أنّ استيقاظكم في كلِّ صباحٍ مضى ما كانَ سوى أحلام تتوالى وتستمرّ دون انقطاع!

استحالة على الوعي والحلم أن يَلْتَقِيا ؟!
يستيقظ الوعي من جهة، فيختفي ويتلاشى الحلم من جهة أخرى.
عندها تصبحُ العيون شفّافةً حيّةً شديدةَ الوضوح، شديدة الصّفاء والنّقاء، فتروْن حقيقةَ المَوجود.
ترونَ البهاء والصّفاء والنّقاء والحياة في كلِّ مكان… حتّى الصّخور سوف تدركونها تتنفّس وبالحياةِ تنبض،
سوف تسمعون لقلب كلّ صخرةٍ نبضاً !
«الوجود برُمّته يصحو عندما تستيقظون حقًّا».

أوشو 💜
احتفال من قلب وحال بشّار

شارك المقالة