مسلسلات نجحت في جذب أنظار المشاهدين خلال الأعوام القليلة المنصرمة، والسبب الرئيسي لنجاح تلك المسلسلات اعتمادها على تيمة النوستاليجية والحنين إلى الماضي.
كذلك مسلسل حواديت الشانزلزيه الذي حمل من التفاصيل والحواديت ما تاه بفكر الجمهور، ولم يشفع لكثرة تفاصيله وطول حلقاته سوى روعة تصميم الديكور والمؤثرات البصرية التي خطفت أبصار متابعي المسلسل في حلقاته الـ45.
أحداث المسلسل يفترض أنها تدور في محيط وسط البلد في خمسينيات القرن الماضي، تشعب حلقات المسلسل وتعمد إطالتها جعل الحلقات تدور في عرض حكايات الخمس فتيات المعترفات بقتل “رياض” يوم عيد ميلاده.
وسط البلد في خمسينيات القرن الماضي
حمل المسلسل من العلاقات المعقدة والمتشابكة ما سرح بخيال الجمهور بعيدا عن فكرة الحواديت الأصلية وهي جريمة قتل رياض الباز.
وحاول المؤلف تعقيد العلاقات بين ابطال المسلسل وأدخلهم جميعا في علاقات مترابطة، ناهيكم أن رياض الباز نفسه دخل في علاقات عاطفية مع 5 من بطلات المسلسل !!
بداية المسلسل كانت على جريمة مقتل رياض الباز واعتراف 5 سيدات بإقدامهمن على قتله، وكانت تلك هي الحبكة البوليسية في المسلسل قتيل و5 معترفات بالتهمة.!
إياد نصار في دور رياض الباز في حواديت الشانزلزيه
تيمة المسلسل ليس في حبكته البوليسية المتشعبة وإنما كانت في الفساتين المزركشة المنفوخة، بدل أنيقة، سيدات بكامل زينتهن وبريقهن، ورجال تلمع أحذيتهم وياقات قمصانهم منشاة.
التحدث بثقة وهدوء واستخدام عبارات جمالية من أربعينات القرن الماضي، صوت محمد عبد الوهاب في الخلفية يشدو بأغانيه، أسمهان وليلى مراد.
مسلسل حواديت الشانزلزيه بين التطويل والافتعال
منولوجات شكوكو وإسماعيل ياسين، تياترو بشارع شريف وبنسيون بالقرب منه، بوسط البلد، كلمتي نهارك سعيد وممنون التي يرددها الأبطال بداع ودون داع، أكليشيهات أربعينية محفوظة سبق استخدامها كثيرا تلك هي تيمة المسلسل الحقيقية.
إثر مقتل رياض الباز الذي يجسد دوره الفنان إياد نصار، أقدمن 5 سيدات على الاعتراف بالجريمة:
زوجته قسمت والتي طعنته بالسكين
فتنة فتاة الملجأ وخادمة البنسيون عبر دسم السم له في الأكل
ريتا اليونانية صاحبة البنسيون والتي خبأت ثعبان سام في حجرته
عايدة فتاة الشقة المشبوهة ومعاونة السرياقوسي في محل الأحذية عبر طعنه بالسكين
نادية المطربة والممثلة المغمورة بالتياترو والتي أشعلت النار بمنزله
تلك السيدات لا يوجد رابط حيوي بينهم سوى القاسم المشترك “رياض” النصاب الوسيم .
الذي أيضا جسد صورة متكررة وأكليشيه مكرر لنصاب الثلاثينات شعر فاحم يلمع وبدل مساء وقميص بحمالات صباحا، وأثناء تواجده في شقة المشبوهة التي تديرها للعب القمار والمتعة الجنسية.
إياد نصار نصاب الثلاثينات
كما يستخدم هو تلك الشقة لاستدراج ضحاياه من الزبائن ومعاونيه من الفتيات، كـ عايدة التي أوقعها في حبائله واستطاع أن يضمها لفريقه الذي يتكون فقط من “فرغلي” الذي لفت الانتباه بقسمه الدائم “طب والنية الصافية”.
“الطيبون لا يعرفون الشك.. لذلك تميز علاقاتهم الثقة هكذا عرفنا العلاقات بين الناس في المحروسة.
ولا انكر انني صدمت عندما علمت ان كل هذا القدر من الشك والتأمر والكراهية يملأ قلب رجل يعيش بين الجمال والزهو بملامح تشبه ملامحنا لكن بنفس لا تشبه نفوسنا وحبنا وطهرنا وحبنا للخير.
لذا فمهما طال الشك لدى الاشرار فيوما ما، سيقتل يقينا بالخير شره الدفين”
محمود بك وكيل النائب العام
محمود بك سليم وكيل النائب العام في حواديت الشانزلزيه
محمود بك سليم وكيل النائب العام ذو الشارب الكث والملامح المتجهمة دائما وغليونا لا يشعله طوال الحلقات، ويعقد حاجبيه ويقلب شفتيه طوال الوقت كي يبدو مهموماً.
والذي استطاع الفنان إدوارد أن يتقمص شخصية ربما استمدها من شخصية توفيق الحكيم يوميات نائب في الأرياف، والذي تولى التحقيق في القضية واستطاع أن يظهر في كل الحلقات يستمع ويبحث ويدون ما يسمعه من ابطال المسلسل المتهمات وممن يعرفهم أيضا إسهاما منه في زيادة عدد الحلقات!!
مشاهد المسلسل يغلب عليه الافتعال
الغريب أنه رغم الأمكانيات التي كلفت منتج المسلسل ركة سينرجي، إلا أنه الديكور خيب ظن المشاهدين، في المحتوى، فجاءت مشاهد المسلسل يغلب عليه الافتعال وتقمص الحالة الخمسيناتية لجميع أبطال المسلسل.
وتقمص الحالة نفى عن الشخصيات العمق، وقدرتها على صنع الحالة التي تميز بها مثلا مسلسل “جراند أوتيل ” فكان أداؤهم سطحي وعبر ديالجوات درامية وحوارات مع النفس مليئة باللوم وجرعة نكد!!
إياد نصار نفذ شخصية النصاب بحزافيرها يرتدي البدلة الغالية والأسكارف الحرير والطربو ، كذلك يرتدي باريه “النصابين” وبنطال بحمالات وقميص مقلم ويتعامل بطريقة الافتعال والـ “حلنجية”.
والمفتعل أيضا أنه رغم تنقله في محيط ضيق “وسط البلد” وارتباطه بخمس نساء كلهن يرتدن نفس الأماكن إلا أنه لم يكتشف أمره إلا بعد مقتله!!
لإياد نصار مع “فرغلي” مساعده في النصب: طب والنية الصافية يا رياض أفندي !!
عيب أخر ظهر في مسلسل حواديت الشانزلزية وهو التركيبة الغنائية فمعظم تلك الأغاني التي جاءت في خلفية المشاهد لم تكن ظهرت وقت الخمسينات ومنها ما كان قد ظهر في الثلاثينات فمن غير المعقول ترديده في المسلسل بداع ودون داع.
كذلك عدم التطابق بين مشهد تأدية الممثل وحركات شفتيه وبين الصوت الصادر في الخلفية عبر المونتاج فكان غير متناغم ما بين النط والسمع.
الاهتمام بالشخصيات الفرعية
من ضمن افتعالات المسلسل والتي ساهمت في زيادة عدد حلقاته هو الاهتمام بالشخصيات الفرعية وملئ حلقات كاملة بالحدث كوفاة طاطا نزيلة البنسيون الدائمة عبر دس السم لها من رياض وفتنة.
وكذلك معظم مشاهد طاطا “عايدة سيف النصر” التي جاءت كأنها موشحات مفتعلة للنصح والأرشاد متقمصة شخصية كريمة مختر في أعمالها فلم تستطع صنع روح شخصية نزيلة البنسيون الوحيدة الكفيفة والتي تتعامل بحميمية وأمومة مع الجميع بل كانت متكلفة وصطنعة.
وفاة طاطا نزيلة البنسيون الدائمة
وكذلك مشهد درمي أخر حينما علم محمود بك محقق القضية بمرض ابنته بالربو الأمر الذي شغل حلقة كاملة شهدت مناجاة وعتاب بين إدوراد” والسماء.
واستغل المخرج حادثة مرض مديحة ابنة محمود بك في تصوير مشهد بأكمله وهو يتوضأ ويصلي.
محمود بك في حواديت الشانزلزيه: ليه كده يارب؟!
بيد أن المسلسل استرعى عناية المشاهدين حين تم عرضه أول مرة وكذلك حقق مشاهدات عالية حينما تم عادة عرضه.
ويظل المسلسل من أهم الأعمال التي تناولت حقبة الخمسينيات واستطاعت أن تتنقل عين ووعي المشاهد لتلك الحقبة.. حقبة “مصر المحروسة” في حواديت الشانزلزيه.
تتر مسلسل حواديت الشانزلزيةكمال باشا وزوجته شريفةمشاهد كثيرة صامتة تم تصويرها بالتصوير البطيءعدلات عاملة التياتروفتنة عاملة البنسيونالأفوكاتو حسن وحبيبته فتنة في الشانزلزيه
