الأديبة السوريةنور الشعار تكتب لـ فرندة | كم كان منهكاً أن أكونَ وردتك !!
كم كان منهكاً أن أكونَ وردتك
وردة اقتطفتها من يد بائعٍ فقير لتهديني ايّاها، سقاها من ماء وجهه رعاها كلّا تذبل وتغدو بلى ثمن يقوتُ به يومه .. ولكن كيف لك؟
أعطيتها ثمناً يوقظها في جسدي ألف فصلٍ قادم وكيف لك؟
تسلبني ماهيّتي و مائي؟
تسلبني أسمي وجسدي جلدي وأظافري؟
وها أنا وردة ذابلة أتقلّب على سطور دفاترك ذلك جافّ ومؤلم .. أنا لستُ وردة حتّى، لماذا أسميتني وردة !
فيروز جمعت نفسها وبعض النّساء في مزهرية وقالت “هديتو مزهرية لا كان يداريها ولا يعتني فيها ت ضاعت الهدية” عندما جفّت فيروز فوق طاولة حبيبها وضاعت أرسلت لنا عطرَ زهرٍ علّنا نبصرُ طريقاً لها فحبيبها لم يعد يشمّ مجدداً،
في آخر بتلة من جسدها كتبت على رمل الطريق سبيلاً لتلك الطاولة .. لأنّ شجر الحَور كان قاسياّ جداً ليُجرحَ من حدّة بتلة
وهكذا ضاعت المزهرية وطار الرمل .. وجفّت فيروز
ولكنّك حبيبي وفوق تلك الطاولة نفسها لم تختر وردة من مزهرية فيروز الحزينة، لقد وضعتني بها أنا، غرزتني بينها .. راقبتُ جلدي يهترئ، وجهي يجفّ قدماي تلتصقان ببعضهما ..وكنتُ كلّ ليلة احتضنُ زهرات المزهرية وأخبرُ فيروز : (لم أكن ذابلة .. لم أكن وردة ! )
ليسَ الثمين في الورود الّذي أُُنفق عليها ملايين القُبلات والمواعيد الغرامية والنقود الباهظة رائحتها مثلاً!
أو حتّى أحمرُ لونها ولكنّها ثمينة بعذابها
تخيّل كم ساق زهرٍ قُطع، وكم وردة سُلبت، وثلاثون واحدة نُثرت لتعلم أحداهن إن كان يحبّها أو لا يحبّها
وهناك حبيبي مليونا زهرة تُركت لتجفّ وتفقد ماءها تنحبُ عطرها ولونها
أليس الثمين في وردتنا تلك كم عانت لتبقى رمز حبّ غير رحيم؟
أليس ظُلماً أن يُنسبَ الوردُ للحبّ دائماً
مالك نسبتني للورود !
كم كان منهكاً أن أكونَ وردتك
أراقبُ جسدي يذبل .. لوني ينطفئ، شعريَ يسقطُ بتلاتي على الأرض، لا لون لي ولا رائحة تشفعُني
أتعتّق لأبقى وردتك أنت، رمزاً لك مخبّأ بين الكتب، سرّاً ذابلا تنساهُ صفحاتُ الغد
بعثراتَ سبيل،
ولكنّي لم أكن أريد أن أكون وردة ! .