شيخ العرب همام جد الهوارة .. سيرة ومسيرة الجناب الأجل والكهف الأظل
الجناب الأجل والكهف الأظل، الجليل المعظم والملاذ المفخم الأصيل الملكى ملجأ الفقراء ومحط الرجال الفضلاء والكبراء شيخ العرب الأمير شرف الدولة همام بن يوسف بن احمد بن محمد بن همام إبن أبو صبيح سيبة … عظيم بلاد الصعيد ومن كل خيره يعم القريب والبعيد” ..
هكذا رثاه الجبرتي .. إنه شيخ العرب همام جد الهوارة ..
هو شيخ العرب همام بن يوسف بن احمد بن محمد بن همام إبن أبو صبيح سيبة ولد في (1709 م ، 1121 هـ) – وتوفي ( 7 ديسمبر 1769 م – ثامن شعبان من سنة 1183 هـ ) .
وُلِد الشيخ “همام بن يوسف” في قرية “فرشوط” في محافظة قنا لأسرة واسعة الثراء والنفوذ هي الأسرة الهمامية، اشتُهر بالكرم ورعايته للعلماء وعلاقته المتميّزة بالفلاحين وحمايته لهم من غارات العربان .
ورث عن والده وجدّه القوة والنفوذ كأحد أبرز الملتزمين من هوارة؛ فورث زعامة قبيلته، وتلك الأراضي الشاسعة الممتدة من المنيا إلى أسوان.
لكنه لم يكتفِ بالأراضي التي ورثها، بل قام بتوسعة نطاق أملاكه على حساب بعض القبائل الأخرى ومماليك رأوا أنهم لا يستطيعون أن يقفوا أمام شيخ العرب، الذي تمتع بعلاقات طيبة مع العديد من الأمراء المماليك، وتدخّل أكثر من مرة في الخلافات والمنازعات بين العصبيات المملوكية، الأمر الذي تسبب في قلب حياته فيما بعد رأسا على عقب !!
لنبحر سويا في التاريخ ، لنتعرف أكثر على تلك الشخصية الفذة شيخ العرب همام جد الهوارة
ظهر “علي بك الكبير” على مسرح الأحداث بعد وفاة أستاذه “إبراهيم جاويش”، و بذكاء و دهاء استطاع علي بك الكبير استطاع أن يوقع بين منافسيه على منصب مشيخة البلد واحدا بعد الآخر، وحاول الإيقاع بين “حسين بك كشكش” و”صالح بك القاسمي” بتعيين الأول حاكما لـ”جرجا” بدلا من الثاني الذي أمر بنفيه إلى رشيد ثم إلى دمياط.
فما كان من الأخير الا أن لجأ إلى المنيا عند حليفه “همام”، الرجل الذي كان حجر عثرة في وجه مخطّطات “علي بك الكبير”، فاستطاع أن يهزم الحملة التي أرسلها “حسين بك كشكش”، ثم أخيرا تحالف الاثنان ، “صالح” و”حسين”، فاستطاعا هزيمة “علي بك”، ونفيه إلى الشام، فاستعاد الأول ولاية “جرجا”، وسيطر الثاني على القاهرة.
لم يستسلم “علي بك” ، وعاد إلى القاهرة متظاهرا بالندم والتوبة، فانخدع خصومه فيه وولّوه حكم منطقة بعيدة عن القاهرة ليأمنوه، لكنه عاد للتمرّد مرة أخرى، فتم نفيه أخيرا إلى المنيا ليجد نفسه مضطرا للتحالف مع عدوه القديم “صالح بك”، و الشيخ “همام” الرجل صاحب القوة و النفوذ بالصعيد و الممتدة لعدة قرون بأهله وعشيرته .
أدرك الشيخ “همام” بثاقب نظره أن “علي بك” يمتلك من العزيمة والقوة ما يمكنه من تحقيق أحلامه، فتوسط بينه وبين “صالح بك”؛ ليساعده على استرجاع نفوذه في القاهرة، مقابل أن يضمن “علي بك” ولاية “جرجا” مدى الحياة لـ”صالح بك القاسمي”، ومن ثم توطيد نفوذ “همام” مدى الحياة كذلك.
وينتصر “علي بك” على أعدائه في شمال بني سويف و يتخلّص من “حسين كشكش” وأعوانه، فاعتقد الشيخ همام الهواري أن المعركة انتهت، لكن الحقيقة أنه كان بصدد معركة أخرى بانتظاره !!
حين نجح “علي بك” في خداع “صالح بك القاسمي” و استدراجه لاجتماع في القاهرة ثم أغرى بعض أتباع “القاسمي” باغتياله.
أيقن الشيخ “همام” أن الدور قادم عليه، لكنه لم يشأ أن يبدأ بالصدام مباشرة، فراوغ خصمه، و وافق على الاكتفاء بأرضه في قنا وأسوان فحسب دون الصعيد كله، وتنازل عن التزامه هدية لقائد “علي بك” وهو “محمد أبي الذهب” رغبة في استمالة الأخير ، ليثني سيده عن القضاء على “همام”، بعد أن انفرد “علي بك” بالسلطة في القاهرة و أقصى كل منافسيه.
لكن “علي بك” لم يكتفِ بهذا النصر المبدئي ، فطلب من شيخ العرب أن يطرد المماليك الفارين عنده ليثبت حُسن النية، فأدرك “همام” أن المعركة لا مفرّ منها، وكان عليه أن يخوض معركة أخيرة.
اتفق “همام” مع الأمراء المماليك عنده على الهجوم على أسيوط وانتزاعها تمهيدا لنزول القاهرة والقضاء على “علي بك” ، فأمدّهم بالرجال والأموال والذخائر، و بالفعل تمت مهمتهم بنجاح و احكموا سيطرتهم على أسيوط.
لكن “علي بك” لم ييأس و علم أن معركته مع “همام” هي التي ستحدد مستقبل نفوذه في مصر، فقام بإرسال جيش ضخم لمعاونة جيش “أيوب بك” (واليه الجديد على جرجا).
واستعان بالمرتزقة إلى جانب جيش لـ”خليل بك” و”محمد بك أبي الذهب”، ليتقابل الفريقان أمام أسيوط وكان النصر حليفا لـ”علي بك” ، و ذلك لخبرة جنوده ووفرة عددهم
و أصدر قرارا لـ”أبي الذهب” بالتوجّه رأسا إلى “فرشوط” للقضاء على شيخ العرب نهائيا.
ويلجأ “علي بك” إلى سلاحه المفضّل و هو الخيانة، فأغرى ابن عم همام وهو “إسماعيل أبو عبد الله” بخيانة قريبه والانسحاب برجاله، و كان شيخ العرب يثق في ابن عمه هذا كثيرا، فزادت الخيانة من هم شيخ العرب، و ترك عاصمته “فرشوط”، ليموت مقهورا في قرية “قمولة”.
انتهت سيرة شيخ العرب “همام”، وقبل أن يُسدل الستار على هذه النهاية الحزينة، نرى “محمد بك أبا الذهب” وهو يدخل “فرشوط” وينهبها، ثم يصطحب “درويش” ابن همام معه إلى القاهرة ، لتوفيق أوضاع الهوارة في مرحلة ما بعد “همام”، لينتهي فصل زاهر من حياة الصعيد حفل بالأمن والرخاء.
و تبقى ذكرى شيخ العرب همام خالدة، تحفظها ذاكرة أهل الصعيد ، يبثوها في كلمات موال حزين يغنونه كلما هيجت مرارة الواقع شوقهم الي عدل همام ويبدأ الموال مناشدا إياه:
قوم ياهمام وإسعى وروح سنار
وإزرع وقوت عيالك
فرشوط قادت عليك نار
والبيه عدى وجالك
و موّال آخر ينعي نهب “فرشوط” وقصر شيخها المهزوم:
هيــاك يا باب هيـــاك بس ضبتك غيّروها
تسعين أوضة وشباك في تلايلك كسّروها
للمزيد..
قالت وقد بصت عليا عوافي .. وتدلعت في ثوبها الشفاف | شاعر صعيدي يرتجل قصيدة غزل! (فيديو)
صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh