كان الأمر كما لو أن تعويذة سحرية قد أُلقيت على هذا العالم لإيقاظ حقبة جديدة من الاحتمالات، فمع كل سطر من التعليمات البرمجية الخاصة به، يبث الذكاء الاصطناعي الحياة في الآلات، ويمنحها القدرة على التعلم والتفكير وربما الإبداع، ناقلا العالم اليوم إلى زمان الآلات الذكية الذي ربما لم يتوقعه أحد قبل عقود.
يغربل الذكاء الاصطناعي بلا كلل مجموعات هائلة من البيانات، ويكشف عن الأنماط والرؤى التي كانت مخبأة سابقا، ومثل الكيميائي السحري الذي يُحوِّل المعادن الأساسية إلى ذهب، حوَّل الذكاء الاصطناعي المعلومات الأولية إلى معرفة قيّمة ووجَّه البشرية نحو آفاق جديدة من الاكتشاف. يُعَدُّ هذا انتصارا كبيرا حُقَّ لرجل مثل “جيفري هينتون”، الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، أن يفخر به، كيف لا وهو الذي قضى حياته يُطوِّر خوارزميات الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق. لكن هينتون اختار أن يسلك طريقا مغايرا بدلا من ذلك، متنازلا عن منصبه في غوغل، ومتفرغا للتحذير والتوعية من مخاطر الذكاء الاصطناعي الذي شارك في وضع أُسسه الأولى يوما ما.
اقتحم الذكاء الاصطناعي حياتنا بشكل كبير وغريب، مما أخل بمبدأ الخصوصية، فلك أن تتخيل قدرته الغريبة على تحديد هويتنا بمجرد الإعجاب بأحد منشورات الأصدقاء.
وأوضح رائد تقنية الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون، أن هذا الاكتشاف الفريد من نوعه، يهدد البشرية بشكل كبير، ولذلك استقال “هينتون” من منصبه، ليتحدث بـ حرية عن خطوة الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي يتجاوز العقل البشري
شدد جيفري على ضرورة توخي الحذر من هذه التقنيات الحديثة، فمن الممكن أن تتجاوز تطورتها قدرة العقل البشري، فهي تهدد بقاء الإنسان بشكل أو بآخر.
وكشف إنه كان مُخطًأ حين توقع أن الذكاء الاصطناعي لا يتطور إلا في غضون 50 سنة، ولكن ما حدث أربك جميع حساباته، فوقف مذهولًا أمام هذه الإنجازات التي تطورت بسرعة الصاروخ.
زيادة معدلات البطالة
أدى انتشار الذكاء الاصطناعي إلى زيادة معدلات البطالة، فأعتمد مؤسسي الشركات الكبرى على الروبوتات كبديلًا للعمالة البشرية، مما آثر سلبيًا على سوق العمل.
تهديد الأمن القومي
يؤثر الذكاء الاصطناعي بشكل كبير على الأمن القومي، نظرًا لرغبة رواد هذه التقنية في الاعتماد عليه في المجال العسكري، مما يخل بالأمن العام، لذا عارض هينتون استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
اختراق الحسابات على يد القراصنة
ساعد الذكاء الاصطناعي على اختراق جميع الحسابات الخاصة بالشركات الكبرى على يد القراصنة، وآخرهم القراصنة الصينيون اللذين شنوا هجومًا إلكترونيًا على شركة جوجل، علاوة على سرقة الحسابات الخاصة بمديرين المؤسسات الكبرى.
التسجيلات المُفبركة
ساهم التطور التقني للذكاء الاصطناعي في حدوث العديد من المشكلات المتمثلة في خاصية ” التسجيلات المُفبركة “، فهذا التطور سبب العديد من الكوارث، آخرهم تسجيلات البلوجر ورائد المحتوى “جو موسى”.
وتم فبركة فيديو له على يد فتاة مُستخدمة تقنية الذكاء الاصطناعي، ولم يقتصر الأمر عن هذا الحد، بل اخترقت هذه التقنية كافة البيوت تحت شعار “لا خصوصية بعد اليوم”.
هل تخطت إيجابيات الذكاء الاصطناعي مخاطره؟
والسؤال المطروح حاليًا ولا تُوجد له إجابة حاسمة يتمثل في، هل إيجابيات الذكاء الاصطناعي كفيلة أن تجعلنا نغمض أعيننا عن سلبياته؟ أم أن مخاطره تجاوزت كافة الحدود؟
للمزيد..