من بابيليون لـ جورج فلويد .. مٌدانون حتى لو اُثبت العكس !
يبدو أن علاج السرطان بالخلايا الجذعيه ووصول الانسان الى القمر, بل والقفز منه الى الارض مستعرضا هيمنته التكنولوجيه وريادته الكونيه لم تكفى ليتطهر من افكار العصور البائده حيث الظلم والعنصريه لايزالان يجثمان على الصدور.
للمزيد..
بيت القبطية أشرف العشماوي | حَاكموا هدى لأنها أرادت الحياة pdf
“ أيها المحكومون بالسجن، نحن هنا لانحاول اصلاحكم اذ ليس فى ذلك جدوى، انما نحاول قهركم واذلالكم، فرنسا لم تعد تريدكم بعد الان فمن الافضل ان تنسوا وطنكم الى الأبد.. النظام الوحيد هنا هو الصمت .. الصمت المطلق “
George Floyd death: Widespread unrest as curfews defied across US
ترحيل المحكومون بالنفى امام اهل المدينه
تلك كلمات ” هنرى شارييروشهرته بابليون المحكوم عليه بالنفى المؤبد الى مستعمرة جويتان الفرنسيه فى امريكا الجنوبية المعروفه ادبيا وعالميا باسم “الفراشه“.
والتى يحكى فيها شاريررعن تلفيق تهمة قتل له من قبل احدى العصابات الفرنسيه والابلاغ عنه ليجد نفسه يرسف الاغلال مع صفوف من المدانيين فى محاكم استثنائيه تحكم عليه بالنفى الى الابد !
سطرت كلمات شاريير معاناة الظلم والاضطهاض الانسانى متجاوزه الحدود الجغرافيه ليتم ترجمتها الى مئات اللغات لتحتل صدارة مبيعات النشر لاسبوعين متتاليين فى فرنسا فقط.
وجذبت كاميرات السينما اليها ليتم تحويلها الى فيلم سينمائى بعنوان “بابليون” عام 1973 .
وقد لعب دورى البطوله كلا من النجمين ” ستيف ماكوين” و ” داستن هوفمان” , ليجسدا واحد من اجمل الاعمال السينمائيه العالميه على الاطلاق, و قد اعيد انتاج الفيلم بنسخه جديده ايضا عام 2018, ولعب البطوله كلا من الممثل من اصل مصرى ” رامى مالك ” و”تشارلى هنام” .
للمزيد..
‘They died in the exact same way’| George Floyd’s killing puts spotlight on similar cases around the world
انت اسود اذا انت مجرم محتمل
كشفت واقعة مقتل الاميركى من اصل افريقى جورج فلويد الغطاء عن اكذوبة المساواه العرقيه التى لطالما افتخرت بيها امريكا وارًخت لها عبر السينما والتلفزيون وحملات الدعايه المستمره من مئات السنين.
واتضح زيف الحلم الامريكى ويوتوبيا العم سام التى ظلت الفردوس المنشود لمئات السنين.
للمزيد..
مقتل جورج فلويد| مراسم تأبين رجل أشعل النيران في أمريكا
” لا استطيع التنفس”
كشفت التحقيقات فى مقتل فلويد ان الرجل تم الاشتباه به من قبل مالك احدى المحلات التجارية فقام بطلب النجده التى وجدت ضالتها وفريستها فى رجل اسود فقير فى مواجهة شرطى ابيض غاضب وحانق.
انتهت الواقعه بالشرطى يقطع انفاس فلويد غير عابىء بصرخاته وتوسلاته ضاربا عرض الحائط بكل الاعتبارات الانسانيه والبروتوكول الشرطى فى عملية القاء القبض.
لتنطلق الشراره وينكشف المستور وتشتعل التظاهرات فى كل مكان ليخرج الرئيس الامريكي ليزيد الطين بله ويهدد المتظاهرين بالعنف والقتل والقبض
الصدمه
بيد ان الحادث لايمكن احتوائه بالطرق التقليديه فالعالم كله فى حالة صدمه وليس فقط المجتمع الافريقى الاميركى , فتخيل اذا كان هذا ماحدث فى امريكا دولة الحريات وارض الفرص والمساواه.
فما الذى يحدث يوميا خلف الكاميرات فى كل انحاء العالم ؟!
ما الذى وصل اليه الانسان ؟,هل صعد الى القمر لكى يسقط من الاعالى فى درك العنصريه والاضطهاض , ما الثمن الفادح الذى يدفعه بنى البشر لكى تستمر الألة الراسماليه فى العمل.
” اعظم تفريغ لمعنى الحضارة الفرنسية , ليس من حق الشعب ان ينتقم فى صورة سريعه اوان يخلع الاشخاص الذين اساؤوا الى المجتمع , فهؤلاء اولى بالعنايه من معاقبتهم بصورة لا انسانيه “
نجد فى سطور شاريير صرخة مناجاه الى الشعب الفرنسى والامه الانسانيه جمعاء, فهو يصف الحكم الجائر الذى تلقاه على يد احد القضاه الذى لم بعبأ بكفاية الادله, والذى اتخذحكم مسبق ضد “شارير” فقط استنادا الى جنحه سابقه ارتكبها وانتمائه الى طبقه دنيا فى المجتمع دلائل كافيه تؤكد حتمية ارتكابه للجريمة.
اداء اسطورى لستيف ماكوين وهو يجسد معاناة بابليون بالحبس الانفرادى فى هذا المشهد
للمزيد..
اللوحة الملعونة ضيف لا نعرفه في حجرة الصالون |The Crying Boy painting
ليحكم عليه بالنفى المؤبد وكأنه مجرد “قمامه بشريه” يجب التخلص منها , لتمر السنوات وتظل الاحكام المسبقه هى يد العداله الاولى فى اتخاذ الاحكام.
فقد اصدر الشرطى حكمه ضد “فلويد” بالادانه لانه ينتمى الى الطبقه الدنيا او ما يحب الرجل الابيض بتسميته قمامه بشرية وينصَب الرجل الابيض نفسه الها من حقه ان يصدر الحكم باالحياه او الموت .
” نابليون بونابرت حين قام ببناء هذا السجن أوصى بان يكون حراسه اكثر اجراما من السجناء فلا تثق ابدا بهذا النوع من البشر فنحن على طرفى النقيض.
فمن ناحيه تجد تبلد الاحساس والسلطه المتغطرسه الخاليه من الروح والساديه الصريحه وعلى الطرف الاخر زمره من الرجال ارتكبت افعال فاحشة، غير ان مرارة الالم خلقت فيهم صفات لا يرقى لها اي انسان كالرأفه و التضحيه والنبل والاقدام “
يجب ان يتذكر الانسان فى معرض تطبيقه للعداله ان العدل هو اسمى القيم الانسانيه المنشوده , وان الهدف الرئيسى هو إرساء مبادىء الاخاء والمساواه وليس الانتقام والوحشيه والساديهة.
يجب ان نعود الى ضمائرنا.. ان نتذكر من نحن وماذا نريد واين يجب ان نكون , يجب الا ننساق وراء الغضب والكراهيه والعنف والا نسمح بتكرار حروب عالميه اخرى .. العالم على حافة الانهيار والعداله هى السبيل الوحيد للنجاة.
لتحميل رواية الفراشه ( مذكرات هنرى شاريير) بصيغة pdf اضغط هنا :
للمزيد..