رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الثالث) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال  (الجزء الثالث) |مكتبة فرندة

رواية سانتوريني للكاتب ( أحمد جمال )

 

 رواية مسلسلة مليئة بالغموض والإثارة

 

الفصل الثاني
” الحيرة والاندهاش “

 

استيقظ كريم من نومه متثائبًا يفرد ذراعيه يمدد بهما جسده ، استيقظ من نومه وفي رأسه سكنت فكرة واحدة وهي كيفية إسعاد طفله في هذا اليوم المميز فهو يوم مولده ، رتّب سريره ثم انطلق إلى المطبخ ليحضّر كوب قهوته الصباحي ، ثم جلس على أريكة في غرفة المعيشة يرتشف قهوته الساخنة بارتياح ، ومازال يفكر في كيفية إعداد يوم مميز عن باقي أيام ميلاده السابقة .

أخذ كريم في تحضير كعكة عيد الميلاد ، وقرر ألا ينادي على فهد حتى يتم تجهيز كل شيء في المنزل استعدادًا لحفل عيد ميلاده ، كان قلبه ينبض فرحًا بولده الصغير ، فقد ربّاه فأحسن تربيته ، فنشأ فهد قوي البنية ولكن رحيم القلب كوالده ، وحاول كريم بقدر الإمكان ألا يجعل فهد يشعر بفقدان والدته وتعويضه عن عدم وجودها ، ولكن هناك معلومة وحيدة حاكت في صدر كريم ولم يخبرها لفهد حتى الآن ، وقرر أخيرًا بعد منازعات كبرى بين قلبه وعقله أن يخبره بها في هذا اليوم .

للمزيد..

بيت القبطية أشرف العشماوي | حَاكموا هدى لأنها أرادت الحياة pdf

بعد انتهائه من تحضير الكعكة ، أخذ يرتب المنزل ويزينه بالأشرطة والبالونات التي قد اشتراها منذ أيامٍ قليلة ، وخبأها في المخزن حتى لا يكتشف فهد أمر هذا الحفل ؛ فقد كان فهد يخبر والده ألا يجهّز أي حفلات له ، لأنه يعلم أن هذا الأمر مرهقٌ على كريم في سنِّه هذا ؛ فقد وصل كريم لسن الخمسين من عمره ، ولكنه مازال يمتلك تلك الروح الفكاهية التي جعلت زوجته تحبه ، وقلبه مازال طفلًا حتى الآن رغم أن رأسه قد اشتعل شيبًا …..

كان يضحك ويلعب مع فهد كأنه في مِثْلِ سِنِّهِ ، وكانت صحته جيدة مقارنة بسنِّه الكبير بسبب اهتمامه بنفسه ونظامه الغذائي الذي اعتاد عليه منذ زواجه وحتى الآن .

انتهى كريم من إعداد المنزل لاستقبال حفل عيد مولد طفله العزيز ؛ البالونات مُجهَزة ومُعلَّقة ، الكعكة مخبوزة ومزينة وموضوعة على المنضدة ، وطوال هذا الوقت لم ينادِ كريم على فهد حتى يستطيع مفاجأته جيدًا .

اطفأ كريم أنوار المنزل وذهب للنافذة لينادي على ابنه ، وقف قليلًا يبحث عبر النافذة بعينه على فهد ولكنه لم يجده ، فظنَّ أنه يلعب خلف إحدى الشجيرات أو خلف المنزل ، فكاد يدخل لغرفة المعيشة ليستريح قليلًا قبل أن يعاود النداء على فهد ، إلا أنه عاود النداء مرة أخرى بعدما أحس بقلقٍ مفاجئ عليه ، فلم ينل جوابًا يرضيه غير الصمت .

همَّ بالذهاب إلى الخارج حتى يبحث عن فهد فلم يجده في أي مكان ، اتصل على أقرب قسمٍ للشرطة عندما بلغ القلق مراده في إفزاع كريم ، وزيادة خوفه وتوتره على ولده ، بعد فترة من الانتظار والقلق ينهش في أعماق كريم ، وصلت سيارة شرطة وأخذت في فحص المنزل والقيام بروتينها مع كل حالة اختفاء مثل هذه ؛ كالسؤال عن آخر مكان قد رأى ابنه فيه ، وأين كان هو بعد ذلك وإن كان يشتبه أنه تم اختطافه وما إلى ذلك ، وكان كريم مع كل سؤال يزداد خوفه من أن يكون ما يفكر به صحيحًا …..

 

لقراءة الجزء الثاني

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 (الجزء الثاني) |مكتبة فرندة

 

 

بعد انتهاء أفراد الشرطة من قيامهم بكل ما يريدونه قال أحدهم : ” سنفعل ما بوسعنا لنجد ابنك يا سيدي فلا تقلق ” ، هزَّ كريم رأسه مُتفهمًا ولكن باله وعقله ليسا حاضرين بل منشغلين في كيفية إعادة ابنه الذي له في الدنيا ، جلس يفكر كثيرًا وكثيرًا بعد أن ذهبت الشرطة من منزله و وعده أحد الضباط بأن يعود من أجل استكمال البحث عن ابنه المفقود وترك له هذا الضابط رقمه الخاص حتى يحدِّثه عليه إذا جدَّ جديد في هذا الأمر .

دلف لداخل منزله مع غروب الشمس ، ومرَّ عليه هذا اليوم كسنةٍ كاملة ولم يرَ أو حتى يلحظ وجود الرسمة على الشجرة ، صعد إلى غرفته وهو خائب الأمل ، يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه لأنه لم يذهب وينادِ على فهد فور استيقاظه ككل يوم ، لم يذق كريم أي طعام أو شراب في هذا اليوم ، وحتى النوم لم يزر عينيه هذا المساء ، ظلَّ مستيقظًا حتى بزوغ فجر اليوم الثاني متوقعًا أن يطرق بابه فهد ، أو أن يتصل به أحد من أفراد الشرطة يطمئنه بأخبار تفرحه ، أو أن يتصل به أحد يطالبه بتقديم فدية لإرجاع فهد إليه وهذا إن كان مخطوفًا من الأساس ، غطَّ في النوم بعدما لم يستطع أن يتمالك نفسه من كثرة ساعات استيقاظه .

في اليوم الثاني بعد اختفاء فهد ، بعدما استيقظ كريم كان يعد قهوته محاولًا إخفاء أو حتى تخفيف هذا الألم الشديد في رأسه من كثرة التفكير في فهد ، أمسك بكوب القهوة فور إعداده فهو معتاد عن إمساكه وهو ساخن،  ولكن حدثَ شيئًا غريبًا لم يحدث له قط …..

شعر فجأة أن كفه الأيمن يحترق بشدة ، فسقط الكوب من يده محدثًا صوتًا عاليًا في المنزل ودوى صدى الصوت في أرجاء المنزل كله ، نظر كريم ليده فوجد أن وشمه قد تحوّل للون الأحمر الآجريّ كألسنة اللهب ، كان يشعر كريم أن كفه يحترق أكثر فأكثر ، وفجأة اختفى ذلك اللون وعاد لون كفه الطبيعي ، وكذلك لم تعد تحرقه كأن لم يكن بها شيء منذ قليل ، فَغَرَ كريم فاهُ من هولِ المفاجأة وسرعان ما تمالك أعصابه مرة أخرى وعاد لصوابه ، وشعر أنها تخيلات في عقله بسبب الوحدة التي لم يعتد عليها وأخذ ينظف آثار كوب القهوة المنكسر أرضًا ، وقد نسي تمامًا ما حدث منذ قليل فإن باله منشغل الآن بأمرٍ أكثر أهمية حتى من حياته .

مرَّ الآن أسبوع على هذه الحال وفهد مازال مختفيًا ، ولم يتلقَّ كريم أي اتصال حتى الآن ، في منتصف نهار هذا اليوم سمع كريم صوتًا مميزًا يدوي في المنزل ؛ إنه هاتفه يصرخ بأعلى صوتٍ له لينبهه بأن هناك ما هو قادم ، التقط هاتفه بسرعةٍ كبيرة وضغط على الزر الأخضر ليسمع صوتًا يناديه من الجهة الأخرى ، يقول له كلماتٍ جعلت الفزع يحتل وجه كريم والخوف بادٍ عليه وبدأت يده ترتجف إلى أن سقط الهاتف من يده ، وأسرع بالخروج من بيته ذاهبًا للمكان الذي وصفه له الضابط .

اخذ وقتًا طويلًا للوصول لهذا المكان فقد كان بعيدًا عن منزله ، وصل كريم إلى المكان المطلوب وعندما رأى الضابط هرول إليه سريعًا ، فأدخَلَهُ الضابط إلى غرفةٍ بها شخصٌ مُلقَى على الأرض ومُغطَّى بملاءة بيضاء ، همَّ الضابط بإزاحة الملاءة عن وجه الشخص النائم أرضًا فاتسعت حدقتا عينيّ كريم من هول ما رأى ، وكان كمَنْ صُعِقَ بالكهرباء وقال بصوت عالٍ وعيناه مليئة بالدموع : ” بُنَيّ …….! “

 

لمتابعة الجزء الرابع

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال (الجزء الرابع) |مكتبة فرندة

 

لقراءة رواية سانتوريني ومعرفة أحداثها من البداية :

رواية سانتوريني للكاتب أحمد جمال Mp3 |مكتبة فرندة

 

 

صفحتنا الرسمية فرندة – Farandh

شارك المقالة