الصاروخان القاهر والظافر .. حكاية كذبة اخترعها عبد الناصر وكشفها سعد الدين الشاذلي
في ستينيات القرن الماضي وأثناء فترة حكم جمال عبدالناصر
قامت القوات المسلحة بتصنيع صاروخين باسم القاهر والظافر .
وكان الرئيس عبد الناصر يقول فى كل خطبه الجماهيرية إن مدى صاروخنا القاهر يصل إلى 600 كيلو مترا.
أما الظافر فيصل مداه يصل إلى 350 كيلو مترا، ويستطيعان بكل سهولة قصف اسرائيل.
للمزيد..
في ذكرى وفاة عبد الناصر.. لماذا قال عدلي لملوم : “بكباشي يعمل علينا رئيس” !
وشارك الصاروخان فى العروض العسكرية التى كانت تجرى كثيرا فى شوارع العاصمة فى ذلك الوقت.
وأخذت الصحافة والإذاعة تتحدث ليل نهار عن هذا الانجاز الضخم وقامت الحكومة بوضع نسخ معدنية من الصاروخ في العديد من الميادين الرئيسية بكثير من مدن الجمهورية.
وهللت الجماهير حينما شاهدتهما، وأيقنت بأن زوال إسرائيل صار أمرا محتوما و قد أصبح مسألة وقت، فكانا الصاروخين دفعة معنوية هائلة للشعب المصري.
يقول الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر 1973 :-
” بعد هزيمة سنة 1967 أخذ المصريون يتهامسون:
أين الصاروخين ؟ لماذا لم يستخدمهما الرئيس عبد الناصر فى ضرب تل أبيب كما وعدنا؟!
لم تكن هناك اية اجابات عن هذة التساؤلات الا الصمت الرهيب من السلطات المختصة جميعها.
وعندما استلمت مهام رئاسة اركان الجيش لم يتطوع أحد ليخبرني بشئ عن القاهر أو الظافر لكنني تذكرتهما فجأة وأخذت أتقصى أخبارهما الي أن عرفت القصة بأكملها.
للمزيد..
مصطلح الناصرية .. مذهب سياسي أم كذبة تاريخية ؟!
لن أقص كيف بدأت الحكاية، وكيف أنفقت ملايين الجنيهات علي هذا المشروع وكيف ساهم الاعلام في تزوير الحقائق وخداع شعب مصر.
اني اترك ذلك كله للتاريخ، ولكنني سأتكلم فقط عن الحالة التي وجدت فيها هذا السلاح وكيف حاولت أن أستفيد -بقدر ما أستطيع- من المجهود والمال اللذان أنفقا فيه:
لقد وجدت أن المشروع قد شطب نهائيا وتم توزيع الأفراد اللذين يعملون فيه علي وظائف الدولة المختلفة، أما القاهر والظافر فكانت هناك عدة نسخ منهما ترقد في المخازن.
لقد كانت عيوبهما كثيرة وفوائدهما قليلة، لكنني قررت ان استفيد منهما بقدر ما تسمح به خصائصهما.
ولقد حضرت بنفسي بيانا عمليا لاطلاق القاهر والظافر ووجدت أن هذا السلاح اقرب ما يكون إلى منجنيق العصور الوسطى.
لقد كان كبير الحجم و الوزن اذا تحرك فان المركبة الحاملة له تسير بسرعة من 8-10 كيلو متر في الساعة ولابد أن تكون الارض صلبة و ممهدة.
وإذا اطلق فانه يطلق بالتوجية العام حيث أنه ليست لدية أية وسيلة لتحديد الاتجاة سوي توجية القاذف في اتجاه الهدف.
وأقصي مدي يمكن ان يصل اليه المقذوف هو ثمانية كيلو مترات وفي اثناء التجربة اطلقنا 4 قذائف علي نفس الهدف بنفس الاتجاه ونفس الزاوية فكانت نسبة الخطأ 800 مترا !!
وهذا يعني اننا اذا قمنا باستخدام هذا السلاح خلال الحرب فأن الرابح الوحيد هو العدو لاننا حينها سنقصف أنفسنا!
بالطبع كانت المخابرات الإسرائيلية تعلم الحقيقة جيدا.
أما الوحيد الذى لم يكن يعلم فهو الشعب المصرى و هو الوحيد أيضا الذي دفع الثمن.
حكاية القاهر والظافر من مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس اركان حرب القوات المسلحة الاسبق.
للمزيد..